ونحو هذا أخرجه مسلم في الصحيح من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه من رواية أبي الأشعث قال : غزونا غزاة وعلى الناس معاوية فغنمنا غنائم كثيرة فكان فيما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلاً أن يبيعها في أعطيات الناس فتسارع الناس في ذلك فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال إني سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عيناً بعين، فمن زاد أو استزاد فقد أربى. فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيباً فقال : ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله ﷺ أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة ثم قال لنحدثن بما سمعنا من رسول الله ﷺ وإن كره معاوية، أو قال وإن رغم ما أبالي ألا أصحبه في جنده ليلة سوداء.
قال حماد هذا أو نحوه اه.
هذا لفظ مسلم في صحيحه وهذه النصوص الصحيحة تدل على أن الصناعة الواقعة في الذهب أو الفضة لا أثر لها، ولا تبيح المفاضلة بقدر قيمة الصناعة كما ذكرنا. وهذا هو مذهب الحق الذي لا شك فيه. وأجاز مالك بن أنس رحمه الله تعالى للمسافر أن يعطي دار الضرب نقداً وأجرة صياغته ويأخذ عنهما حلياً قدر وزن النقد بدون الأجرة. لضرورة السفر كما أشار إليه خليل بن غسحاق في مختصره بقوله : بخلاف تبر يعطيه المسافر وأجرته دار الضرب ليأخذ زنته.
قال مقيده - عفا الله عنه - الظاهر من نصوص السنة الصحيحة أن هذا لا يجوز. لضرورة السفر كما استظهر عدم جوازه ابن رشد، وإليه الإشارة بقول صاحب المختصر : والأظهر خلافه يعني : ولو اشتدت الحاجة إليه إلا لضرر يبيح الميتة، كما قرره شراح المختصر.


الصفحة التالية
Icon