وقال الشافعي أيضاً : لو كان هذا ثابتاً عن عائشة فإنها إنما عابت التأجيل بالعطاء. لأنه أجل غير معلوم والبيع إليه لا يجوز. واعترضه بعض العلماء بأن الحديث ثابت عن عائشة، وبأن ابن أبي شيبة ذكر في مصنفه أن أمهات المؤمنين كن يشترين إلى العطاء والله تعالى أعلم. وبأن عائشة لا تدعي بطلان الجهاد بمخالفة رأيها، وإنما تدعيه بأمر علمته من رسول الله ﷺ وهذا البيع الذي ذكرنا تحريمه هو المراد عند العلماء ببيع العينة ويسميه المالكية بيوع الآجال، وقد نظمت ضابطه في نظمي الطويل في فروع مالك بقولي :
بيوع الآجال إذا كان الأجل... أو ثمن كأخويهما تحل
وإن يك الثمن غير الأول... وخالف الأجل وقت الأجل
فانظر إلى السابق بالإعطاء هل... عاد له أكثر أو عاد أقل
فإن يكن أكثر مما دفعه... فإن ذاك سلف بمنفعة
وإن يكن كشيئه أو قلا... عن شيئه المدفوع قبل حلا
قوله تعالى :﴿وَيُرْبِي الصدقات﴾ الآية.
ذكر في هذه الآية الكريمة أنه تعالى يربي الصدقات وبين في موضع آخر أن هذا الإرباء مضاعفة الأجر، وأنه يشترط في ذلك إخلاص النية لوجه الله تعالى وهو قوله تعالى :﴿وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ الناس فَلاَ يَرْبُو عِندَ الله وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ الله فأولئك هُمُ المضعفون﴾ [ الروم : ٣٩ ]. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ١٨٩ ـ ٢٠٩﴾