(١/٩)
كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا ) [الكهف /١٠٩] ثم تدبر كيف قال (من شجرة أقلام ) ولم يقل من شجر، يتجلى لك أنه أراد تفصيل الشجر وتقصيها شجرة شجرة حتى لا يبقى من جنس الشجر شجرة إلا وقد بريت أقلاما، ثم انظر كيف قال:( ما نفدت كلمات الله ) [جمع قلة]ولم يقل : كلم الله [جمع كثرة]يتبين لك أن جمع القلة أبلغ في المقصود ؛لأن جمع القلة إذا لم يغن بتلك الأقلام وذلك المداد، فكيف يغنى جمع الكثرة أه [ انظر تفسير الرازى
صـ ٤٠٢ـ ٤٠٣ ]
ومع هذا كله نرى بعض خصوم الإسلام يحاولون الطعن في القرآن ولم تتوقف هجماتهم ضد القرآن من أول وهلة قرع أسماعهم فيها وحى الله وأنفقوا كل نفيس وعزيز للنيل من القرآن لكن نقول لهم : ما يضير الشمس أن لا يرى ضوءها الأعمى والخفافيش لا يزيدها النور والضياء إلا تخبطا وتحيرا وهؤلاء قوم طمس على قلوبهم وأعمى أبصارهم فلا قيمة لهم ولا وزن وهم من خلال تلك المطاعن يخدمون القرآن من حيث لا يشعرون فيضيفون له ـ وإن لم يشعروا ـ كمالا إلى كماله ونورا إلى نوره وبهاء إلى بهائه وذلك من خلال أجوبة العلماء المحققين الذين أذن الله لهم ومكنهم من إبراز بعض المكنون في الكتاب العزيز من لطائف وأسرار تبهر العقول وتأخذ بمجامع القلوب فيظهر ـ بحمد الله ـ علو القرآن وكماله ويتبين في المقابل نقصان الخصم وانحطاطه وانقطاع وتينه ولو تأمل القارىء لوجد أن كل ما يوجه للقرآن من مطاعن وإلى يوم القيامة ليس جديدا وقد أجاب عنه الأئمة الأعلام ولكن الخصوم جمعوا تلك الشبه ـ المزعومة ـ ورتبوها وحذفوا الأجوبة وفى كل عصرـ والحمد لله ـ لا يرجعون إلا بالخزي والعار وسبحان الله ما من آية يطعنون فيها إلا وللقرآن فيها حكم وإحكام وتبيان وإنعام.
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت...... أتاح لها لسان حسود
ولولا اشتعال النار فيما جاورت... ما كان يعرف طيب عرف العود
(١/١٠)