من المعلوم بالضرورة عند أهل العلم الشرعى الشريف، أن أعمالنا ووظائفنا وتخصصاتنا كلها توقيفية على الله ـ عز وجل ـ ولهذا أودع الله تعالى فى كل كيان ما يساعده على القيام بالمهمة التى خصص لها، فهو بعد ذلك يعمل ويعمل ويبدع ويأتى بما هو نافع وناجح وطيب لدينه ووطنه وأمته، بل وللعالم كله ؛ لأن الإنسان يعيش مدة عمره ليزرع الخير، ويلفظ الرديئة ويقضى عليها والناس للناس وخيرهم من قام لتقديم الخير لهم، ثم الشىء لا يسمى خيرا ولا صالحا إلا إذا أريد به وجهة الخالق الموجود المنعم جل جلاله، فالإيمان أساس كل خير، ذلك كانت أروع الأعمال وأسمى الأقوال المستنبطة من محيط العلم الذى جاء به رسول الله ـ ﷺ ـ وحينما أجد طلاب العلوم الشرعية وبعد تخرجهم سيما طلاب الأزهر الشريف بعد أن أضاء لهم الطريق وأنار لهم الدرب، حين درسهم علوم الآلة من نحو وصرف وبلاغة وعلوم القرآن والحديث وما ينضبط به الفكر، وهذه كلها علوم استنبطها علماء الأمة فى الصدر الأول من كتاب الله وسنة رسول الله عليه السلام، وهى علوم يجب على طلاب الشريعة معرفتها والوقوف على ما فيها ؛ لأن الغوص فى محيط كتاب الله وبحر سنة رسول الله ـ ﷺ ـ لاستنباط القضايا المستجدة إلى يوم القيامة متوقفة على ذلك، وما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب ؛ لذلك كان قتل العلماء وازدراؤهم وإبعاد المجتمع عنهم قتلا وإنهاء للإسلام العظيم ؛ لأن استمرار وجود هذه الأمة الإسلامية بوجود علمائها المستنبطين الربانيين، فخلودها علقه الله تعالى بوجودهم، فحين أدرك أعداء الإسلام ذلك قاموا بمحاربة علماء الأمة بعد أن شوهوا سمعتهم وغيروا صورهم البهية الجميلة فى أذهان الأميين والدهماء فى أذهانهم ؛ لذلك سار هؤلاء ومعهم مرضى القلوب والمنافقون خلف المنهج الذى رسمه لهم أعداء الإسلام، وحين وفق الله تعالى طلاب العلوم الشرعية أزهريين كانوا
(١/٢)