ومن كمال رحمته كأنه تعالي يقول : أعلم منك ما لو علمه أبواك لفارقاك ولو علمته المرأة لجفتك ولو علمته الأمة لأقدمت على الفرار منك ولو علمه الجار لسعى في تخريب الدار و أنا أعلم كل ذلك و أستره بكرمي لتعلم أني إله كريم.
ومنها : الله يوجب ولايته قال الله تعالى :" الله ولي الذين آمنوا " ﴿ البقرة : ٢٥٦ ﴾ والرحمن يوجب محبته، قال تعالى :" إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً " ﴿ مريم : ٩٦ ﴾ والرحيم يوجب رحمته " وكان بالمؤمنين رحيماً " ﴿ الأحزاب : ٤٣ ﴾
ومنها : كتب قيصر إلى عمر - رضي الله عنه - إن بي صداعاً لا يسكن فابعث لي دواء فبعث إليه عمر قلنسوة فكان إذا وضعها على رأسه يسكن الألم وإذا رفعها عن رأسه عاوده الصداع فعجب منه ففتش القلنسوة فإذا فيها كاغد مكتوب فيه :" بسم الله الرحمن الرحيم ".
ومنها طلب بعضهم آية من خالد بن الوليد فقال : إنك تدعي الإسلام فأرنا آية لنسلم فقال : ائتوني بالسم القاتل فأتى بطاس من السم فأخذها بيده وقال بسم الله الرحمن الرحيم و أكل الكل وقام سالماً بإذن الله فقال المجوس هذا دين حق.
ومنها سئلت عمرة الفرغانية - و كانت من كبار العارفات - ما الحكمة من أن الجنب و الحائض منهيان عن قراءة القرآن دون تسمية فقالت لأن التسمية ذكر اسم الحبيب و الحبيب لا يمنع من ذكر الحبيب.
ومنها : قيل في قوله " الرحيم " هو تعالى رحيم بهم في ست مواضع في القبر وحشراته والقيامة وظلماتها والميزان ودرجاته وقراءة الكتاب وفزعاته والصراط ومخافاته والنار ودركاته.
ومنها :" كتب عارف " بسم الله الرحمن الرحيم " وأوصى أن تجعل في كفنه فقيل له : أي فائدة لك فيه فقال :" أقول يوم القيامة إلهي بعثت كتاباً وجعلت عنوانه بسم الله الرحمن الرحيم فعاملني بعنوان كتابك.
(١/٥٥)


الصفحة التالية
Icon