فالعبودية العامة : عبودية أهل السموات والأرض كلهم لله، برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم. فهذه عبودية القهر والملك. قال تعالى "وقالوا اتخذ الرحمن ولدا. لقد جئتم شيئاً إدا. تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا. أن دعوا للرحمن ولدا. وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا. إن كل من في السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبدا" [مريم : ٨٨-٩٣] فهذا يدخل فيه مؤمنهم وكافرهم.
وأما النوع الثاني : فعبودية الطاعة والمحبة، وإتباع الأوامر. قال تعالى " يا عباد لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون" [الزخرف : ٦٨] وقال "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" [الفرقان : ٦٣-٦٤] فالخلق كلهم عبيد ربوبيته، وأهل طاعته وولايته : هم عبيد إلهيته (١). أ هـ
قال الإمام القشيري - رحمه الله -
العبادة نزهة القاصدين، ومستروح المريدين، ومربع الأنس للمحبين، ومرتع البهجة للعارفين. بها قرة أعينهم، وفيها مسرة قلوبهم، ومنها راحة أرواحهم.
وإليه أشار - ﷺ - بقوله :"أرحنا بها يا بلال "
والاستعانة إجلالك لنعوت كرمه، ونزولك بساحة جوده، وتسليمك إلى يد حكمه، فتقصده بأمل فسيح، وتخطو إليه بخطو وسيع، وتأمل فيه برجاء قوي، وتثق بكرم أزلي، وتتكل على اختيار سابق، وتعتصم بسبب جوده (٢). أ هـ
" اهدنا الصراط المستقيم "
ومعنى اهدنا يحتمل أمرين:
أحدهما ـ ( أرشدنا ) كما قال طرفة
للفتى عقل يعيش به حيث يهدي ساقه قدمه
والثاني ـ( وفقنا ) كما قال الشاعر :
فلا تعجلن هداك المليك فان لكل مقام مقالا

(١) مدارج السالكين حـ١ ص٩١، ٩٠ باختصار يسير.
(٢) لطائف الإشارات حـ١ ص٤٩
(٢/١٧)


الصفحة التالية
Icon