﴿ واختلف العلماء لم سميت هذه السورة أحسن القصص من بين سائر الأقاصيص؟ فقيل: لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر والحكم ما تتضمن هذه القصة؛ وبيانه قوله في آخرها: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب" [يوسف: ١١١]. وقيل: سماها أحسن القصص لحسن مجاوزة يوسف عن إخوته، وصبره على أذاهم، وعفوه عنهم - بعد الالتقاء بهم - عن ذكر ما تعاطوه، وكرمه في العفو عنهم، حتى قال: "لا تثريب عليكم اليوم" [يوسف: ٩٢]. وقيل: لأن فيها ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين، والجن والإنس والأنعام والطير، وسير الملوك والممالك، والتجار والعلماء والجهال، والرجال والنساء وحيلهن ومكرهن، وفيها ذكر التوحيد والفقه والسير وتعبير الرؤيا، والسياسة والمعاشرة وتدبير المعاش، وجمل الفوائد التي تصلح للدين والدنيا. وقيل لأن فيها ذكر الحبيب والمحبوب وسيرهما. وقيل: "أحسن" هنا بمعنى أعجب. وقال بعض أهل المعاني: إنما كانت أحسن القصص لأن كل من ذكر فيها كان مآله السعادة؛ انظر إلى يوسف وأبيه وإخوته، وامرأة العزيز؛ قيل: والملك أيضا أسلم بيوسف وحسن إسلامه، ومستعبر الرؤيا الساقي، والشاهد فيما يقال: فما كان أمر الجميع إلا إلى خير.﴾
القرآن الكريم اشتمل على أحسن القصص فلا معنى لسماع قصص غيره.
أهمية القصة في القرآن.
عني القرآن بالقصص، وأولاها أهمية خاصة لما لها من أثر في العمل والدعوة والتربية والجهاد، ومن عناية القرآن بالقصص، تسمية سورة كاملة بسورة القصص. هذه السورة العظيمة التي تقع بين سورتي النمل والعنكبوت، التي قص الله - جل وعلا - علينا فيها نبأ موسى وفرعون وهامان وقارون من أولها إلى آخرها، يتجلى فيها هذا المعنى.


الصفحة التالية
Icon