وهذا يبين لنا المدة الحرجة التي نزلت فيها السورة، وبالأخص إذا علمنا أن وقت نزولها كان في عام الحزن نزلت سورة يوسف في فترة الحزن على وفاة خديجة-رضي الله عنها-وأبي طالب-عم النبي ؟-الذي كان يحميه، وهي فترة اشتدّ فيها أذى المشركين للنبي ؟ واجترأوا علي لوفاة عمه، ولم تَعُدْ معه الزوجة الصالحة التي كانت تسلِّيه وتواسيه، فكان بحاجة إلى تسلية تخفف عنه ما يلقاه من الأذى وما يعانيه من الحزن
اشتد فيها أذى قريش، حتى أن النبي - ﷺ - أذن لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، فقد بلغة الشدة والأذى والابتلاء والتعذيب مبلغها من كفار قريش لصحابة رسول الله - ﷺ - بل لمحمد - ﷺ –
فنزلت هذه السورة تسلية للنبي - ﷺ - ولصحابته، فهي تقول لهم: إن يوسف - عليه السلام - الذي مر بمصائب عظام، وشدائد جسام، ومحن يرقق بعضها بعضاً، قد نجا منها جميعاً، وكانت عاقبته تلك العاقبة الحميدة، فاصبروا كما صبر الرسل، وثقوا بموعود الله لكم، فإنكم بعد هذا البلاء وهذا الأذى ستنتصرون - بإذن الله - ولذلك قال الله - تعالى - في آخرها: "حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ" (يوسف: من الآية١١٠).
إن سورة يوسف تقول لخاتم الأنبياء محمد ؟ : لئن ابتليت بفقد الأبوين فقد ابتلي يوسف بالحرمان منهما، وبحسَد الإخوة،
ولئن ابتليت بفقد الزوجة المؤمنة الحانية، وفقد العم الشفيق، فقد ابتلي يوسف بقعر بئر لا يجد فيها أنيساً، وبقلوب إخوةٍ لا رحمة فيها وسيارةٍ لا يعنيهم إلا ما يصيبون من الثمن الزهيد،
ولئن ابتليت بالتهم والتشويه فقد اتهم يوسف وسجن بهذه التهم،