١٢٣- فسر يوسف عليه السلام رؤيا من رأى أنه يعصر خمرا أنه ينجو من سجنه ويعود إلى مرتبته وخدمته لسيده، فيعصر له العنب الذي يؤول إلى الخمر، وفسر رؤيا الآخر فيقتل ثم يصلب فتأكل الطير من رأسه.
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
(فالأول رؤياه جاءت على وجه الحقيقة، والآخر رؤياه جاءت على وجه المثال وأنه يقتل، ومع قتله يصلب ولا يدفن حتى تأكل الطيور من رأسه. وهذا من الفهم العجيب والغوص على المعاني الدقيقة، وذلك أن العادة أن المقتول يدفن في الحال ولا تتمكن السباع والطيور من الأكل منه. ففهم أن هذا سيقتل ولا يدفن سريعا حتى يصل إلى هذه الحال )
١٢٤- أنه كما على العبد عبودية لله في الرخاء، فعليه عبودية له في الشدة، فـ "يوسف" عليه السلام لم يزل يدعو إلى الله، فلما دخل السجن، استمر على ذلك، ودعا الفتيين إلى التوحيد، ونهاهما عن الشرك.
١٢٥- يوسف عليه السلام دعاهما إلى الله بأمرين :
أحدهما بحاله وما هو عليه من الوصف الجميل الذي أوصله إلى هذه الحال الرفيعة، بقوله :﴿ ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ﴾
الأمر الثاني : دعاهما بالبرهان الحقيقي الفطري فقال :﴿ يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ﴾.
المقطع الثامن
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (٤٣)


الصفحة التالية
Icon