…قال العلامة القرطبي: ذكر الله أقاصيص الأنبياء في القرآن، وكررها بمعنى واحد، وفي وجوه مختلفة، وبألفاظ متباينة، على درجات البلاغة والبيان، وذكر قصة يوسف عليه السلام ولم يكررها، فلم يقدر مخالف على معارضة المكرر، ولا على معرضة غير المكرر، والإعجاز واضح لِمَنْ تأمل. وصدق الله ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ﴾!.
قال السعدي رحمه الله :
فإن الله تعالى قصها علينا مبسوطة، وقال في آخرها :﴿ لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ﴾ [ سورة يوسف : الآية ١١١ ] والعبرة ما يعتبر به ويعبر منه إلى معان وأحكام نافعة وتوجيهات إلى الخيرات وتحذير من الهلكات ; وقصص الأنبياء كلها كذلك، لكن هذه القصة خصها الله بقوله :﴿ لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين ﴾ [ سورة يوسف : الآية ٧ ] ففيها آيات وعبر منوعة لكل من يسأل ويريد الهدى والرشاد، لما فيها من التنقلات من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة، ومن محنة إلى منحة، ومنه ومن ذلة ورق إلى عز وملك، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وإدراك غايات، ومن حزن وترح إلى سرور وفرح، ومن رخاء إلى جدب، ومن جدب إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة
المقطع الأول