بينما لاتتعدي نسبة الحديد في شمسنا ٠. ٠٠٣٧% فإن نسبته في التركيب الكيميائي لأرضنا تصل إلي ٣٥، ٩% من مجموع كتلة الأرض المقدرة بحوالي ستة آلاف مليون مليون مليون طن، وعلي ذلك فإن كمية الحديد في الأرض تقدر بأكثر من ألفي مليون مليون مليون طنا، ويتركز الحديد في قلب الأرض، أو مايعرف باسم لب الأرض، وتصل نسبة الحديد فيه إلي ٩٠% ونسبة النيكل ( وهو من مجموعة الحديد ) إلي ٩% وتتناقص نسبة الحديد من لب الأرض إلي الخارج باستمرار حتى تصل إلي ٥، ٦% في قشرة الأرض.
وإلي أواخر الخمسينيات من القرن العشرين لم يكن لأحد من العلماء إمكانية التصور ( ولو من قبيل التخيل ) أن هذا القدر الهائل من الحديد قد أنزل إلي الأرض من السماء إنزالا حقيقيا !!
كيف أنزل؟ وكيف تسني له اختراق الغلاف الصخري للأرض بهذه الكميات المذهلة؟ وكيف أمكنه الاستمرار في التحرك بداخل الأرض حتى وصل إلي لبها؟ وكيف شكل كلا من لب الأرض الصلب ولبها السائل علي هيئة كرة ضخمة من الحديد والنيكل يحيط بها وشاح منصهر من نفس التركيب، ثم أخذت نسبته في التناقص باستمرار في اتجاه قشرة الأرض الصلبة؟
لذلك لجأ كل المفسرين للآية الكريمة التي نحن بصددها إلي تفسير ( وأنزلنا الحديد ) بمعني الخلق والإيجاد والتقدير والتسخير، لأنه لما كانت أوامر الله تعالي وأحكامه تلقي من السماء إلي الأرض جعل الكل نزولا منها، وهو صحيح، ولكن في أواخر القرن العشرين ثبت لعلماء الفلك والفيزياء، الفلكية أن الحديد لايتكون في الجزء المدرك من الكون إلا في مراحل محددة من حياة النجوم تسمي بالعماليق الحمر، والعماليق العظام، والتي بعد أن يتحول لبها بالكامل إلي حديد تنفجر علي هيئة المستعرات العظام، وبانفجارها تتناثر مكوناتها بما فيها الحديد في صفحة الكون فيدخل هذا الحديد بتقدير من الله في مجال جاذبية أجرام سماوية تحتاج إليه مثل أرضنا الابتدائية التي وصلها الحديد الكوني، وهي كومة من الرماد فاندفع إلي قلب تلك الكومة بحكم كثافته العالية وسرعته المندفع بها فانصهر بحرارة الاستقرار في قلب الأرض وصهرها، ومايزها إلي سبع أرضين !!
وبهذا ثبت أن الحديد في أرضنا، بل في مجموعتنا الشمسية بالكامل قد أنزل إليها إنزالا حقيقيا.
أولا : إنزال الحديد من السماء


الصفحة التالية