﴿ وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب﴾ حتى كان آخر أنبياء بني إسرائيل، عيسى ابن مريم، الذي بشر من بعده بمحمد- صلوات الله وسلامه عليهما - ولهذا قال تعالى :﴿ثم قفينا على آثارهم برسلنا وقفينا بعيسى ابن مريم وأتيناه الإنجيل﴾ وهو الكتاب الذي أوحاه الله إليه.
﴿ وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه﴾ وهم الحواريون.
﴿ رأفة ورحمة﴾"أي حنانا ورقة على الخلق، لكثرة ما وصى به عيسى – عليهما السلام – من الشفقة وهضم النفس والمحب
وكان فى عهده أمتان عظيمتا القسوة والشدة: اليهود والرومان، وهؤلاء أشد قسوة، وأعظم بطشا، لاسيما فى العقوبات، فقد كان لهم أفانين فى تعذيب النوع اليشري يها، ومنها تسليط الوحوش المفترسة عليه، وتربيتها لذلك، مما جاءت البعثة المسيحية على أثرها، وجاهدت فى مطاردتها، وصبرت على منازلتها، حتى ظهرت عليها بتأييده تعالى ونصره كما بينه آخر سورة الصف".(١)
وهو قوله تعالى:﴿يأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بنى إسرائيل وكفرت طائفة فايدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين﴾.
فهؤلاء كانوا متوادين بعضهم لبعض كما قال الله - تعالى - في وصف أصحاب النبي - ﷺ – ﴿رحماء بينهم...﴾
ورهبانية ابتدعوها من قبل أنفسهم،
أي جاءوا بها من قبل أنفسهم ما فرضها الله عليهم إلا ابتغاء رضوانه ولكنهم ابتغوا رضوان الله بتلك الرهبانية وتلك الرهبانية ما حملوا أنفسهم من المشاق في الامتناع من المطعم والمشرب والملبس والنكاح والتعبد في الجبال ولكنهم لم يرعو الرهبانية حق رعايتها، بل ضيعوها، وكفروا بدين عيسى فتهدوا وتنصروا، ودخلوا في دين ملوكهم، وتركوا الترهيب، وأقام منهم أناس على دين عيسى - عليه والسلام- حتى أدركوا محمدا- ﷺ فآمنوا به
﴿ وكثير منهم فاسقون ﴾وهم الذين تركوا الرهبانية، وكفروا بدين عيسى عليه السلام -.
" فالآية الكريمة تثنى على الذين أحسنوا اتباع عيسى- عليه السلام- فطهروا أرواحهم من كل دنس، وزهدوا في متع الحياة الدنيا، وتذم الذين بدلوا ما جاء به عيسى- عليه السلام- وقالوا الأقوال الباطلة في شأنه، وفعلوا الأفعال القبيحة التي تغضب الله-تعالى- ". (٢)
ما يشير إليه النص الكريم
(٢) التفسير البسيط: ١٤/٣٠٠.