وكم للتقوى من ذكر في كتاب الله وكم علق عليها من خير، ووعد عليها من ثواب، وارتبط بها من فلاح.
فعن سعيد بن مسروق، عن ابن أشوع، عن يزيد بن سلمة الجعفي قال: قال يزيد بن سلمة : يا رسول الله، إني قد سمعت منك حديثا كثيرا أخاف أن ينسيني أوله آخره، فحدثني بكلمة تكون جماعا، قال :﴿اتق الله فيما تعلم﴾.(١)
ولا زال السلف يتواصون بها فقد كتب عمر بن عبد العزيز- رحمه الله - إلى رجل: : أوصيك بتقوى الله -عز وجل- التي لا يقبل غيرها، ولا يرحم إلا أهلها ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، جعلنا الله وإياك من المتقين"
والأمر الثاني: هو الأمر بالإيمان برسوله- صلى الله عليه وسلم- والمتمثل في قوله- تعالى- :﴿وآمنوا برسوله...﴾ أي التصديق بما جاء به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- جملة وتفصيلا.
ثم يبن الله تعالىجزاء من امتثل بمتطلبات هذا النداء الكريم فقال :﴿يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به... الخ﴾ أي أنه سبحانه يعطهم بسبب ذلك نصيبين من رحمته وما ذلك إلا بسبب إيمانهم بالرسول- صلى الله عليه وسلم-
أولا، وبسبب إيمانهم بالرسل السابقين ثانيا، وذلك كما أعطي مؤمني أهل الكتاب نصيبين من الأجر أحدهما للإيمان بالرسول- صلى الله عليه وسلم-
وثانيهما: بسبب إيمانهم بالرسل السابقين.
ثم يرد الله-عز وجل- على مزاعم أهل الكتاب الذين يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه فيقول: ﴿ لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾.
يقول صاحب التفسير البسيط:(٢) " وعلى هذا التفسير الذي سرنا عليه يكون المقصود من الآيتين تحريض المؤمنين من هذه الأمة على الثبات على تقوى الله- تعالى- واتباع رسوله- صلى الله عليه وسلم- في كل ما جاء به، وتبشيرهم بالعطاء الجزيل إذا فعلوا ذلك، والرد على المتفاخرين من أهل الكتاب، الذين يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأنهم ليس لأحد أفضل منهم، وأن الأجر ثابت لهم، سواء آمنوا بالرسول – صلى الله عليه وسلم- أم استمروا على كفرهم ".

(١) سنن الترمذي ك/ العلم عن رسول الله- ﷺ -، ب / ما جاء في فضل الفقه على العبادة، حديث رقم ( ٢٦٨٣ ) قال أبو عيسى : هذا حديث ليس إسناده بمتصل، وهو عندي مرسل، ولم يدرك عندي بن أشوع يزيد بن سلمة، وابن أشوع اسمه : سعيد بن أشوع.
(٢) م١٤ص٣٠٢وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon