فهذه علوم الصدف والقشر ولكن ليست على مرتبة واحدة بل للصدف وجه الى الباطن ملاق للدر قريب الشبه به لقرب الجوار ودوام المماسة، ووجه الى الظاهر الخارج قريب الشبه بسائر الأحجار لبعد الجوار وعدم المماسة.. فكذلك صدف القرآن ووجهه البراني الخارج هو الصوت والذي يتولى علم تصحيح مخارجه في الأداء والتصويت صاحب علم الحروف؛ فصاحبه صاحب علم القشر البراني البعيد عن باطن الصدف فضلا عن نفس الدرة.. وقد انتهى الجهل بطائفة الى أن ظنوا أن القرآن هو الحروف والأصوات وبنوا عليها أنه مخلوق لأن الحروف والأصوات مخلوقة، وما أجدر هؤلاء بأن يرجموا أو ترجم عقولهم فاما أن يعنفوا أو يشدد عليهم فلا يكفيهم مصيبة أنه لم يلح من عوالم القرآن وطبقات سمواته الا القشر الأقصى وهذا يعرفك منزلة علم المقرىء اذ لا يعلم الا بصحة المخارج ؛ ثم يليه في الرتبة علم لغة القرآن وهو الذي يشتمل عليه مثلا ترجمان القرآن وما يقاربه من علم غريب ألفاظ القرآن ؛ ثم يليه في الرتبة الى القرب علم اعراب اللغة وهو النحو فهو من وجه يقع بعده لأن الاعراب بعد المعرب ولكنه في الرتبة دونه بالاضافة اليه لأنه كالتابع للغة ؛ ثم يليه علم القراءات وهو ما يعرف به وجوه الاعراب وأصناف هيئات التصويت وهو أخص بالقرآن من اللغة والنحو ولكنه من الزوائد المستغنى عنها دون اللغة والنحو فانهما لا يستغني عنهما فصاحب علم اللغة والنحو أرفع قدرا ممن لا يعرف الا علم القراءات وكلهم يدورون على الصدف والقشر وان اختلفت طبقاتهم ؛ ويليه علم التفسير الظاهر وهو الطبقة الأخيرة من الصدفة القريبة من مماسة الدر ولذلك يشتد به شبهه حتى يظن الظانون أنه الدر وليس وراءه أنفس منه وبه قنع أكثر الخلق وما أعظم غبنهم وحرمانهم اذ ظنوا أنه لا رتبة وراء رتبتهم ولكنهم بالاضافة الى من سواهم من أصحاب علوم الصدف على رتبة عالية شريفة اذ علم التفسير عزيز بالنسبة الى تلك العلوم فانه لا يراد لها بل