فأقول هل لك أن تتفكر في آية الكرسي أنها لمَ تُسمّى سيدة الآيات ؟ فان كنت تعجز عن استنباطه بتفكرك فارجع الى الأقسام التي ذكرناها والمراتب التي رتبناها وقد ذكرنا لك أن معرفة الله تعالى ومعرفة ذاته وصفاته هي المقصد الأقصى من علوم القرآن وأن سائر الأقسام مرادة له وهو مراد لنفسه لا لغيره فهو المتبوع وما عداه التابع وهي سيدة الاسم المقدم الذي يتوجه اليه وجوه الأتباع وقلوبهم فيحذون حذوه وينحون نحوه ومقصده، وآية الكرسي تشتمل على ذكر الذات والصفات والأفعال فقط ليس فيها غيرها... فقوله ؟ الله ؟اشارة الى الذات.. وقوله ؟ لا اله الا هو ؟ اشارة الى توحيد الذات وقوله ؟ الحي القيوم ؟ اشارة الى صفة الذات وجلاله فان معنى القيوم هو الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره فلا يتعلق قوامه بشيء ويتعلق به قوام كل شيء وذلك غاية الجلال والعظمة.. وقوله ؟ لا تأخذه سنة ولا نوم ؟تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من أوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل أحد أقسام المعرفة بل هو أوضح أقسامها... وقوله ؟ له ما في السموات وما في الأرض؟ اشارة الى كلها وأن جميعها منه مصدرها واليه مرجعها... وقوله؟ من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه ؟ اشارة الى انفراده بالملك والحكم والأمر وأن من يملك الشفاعة فانما يملك بتشريفه اياه والاذن فيه وهذا نفي للشركة عنه في الملك والأمر.. وقوله؟ يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء ؟ اشارة الى صفة العلم وتفضيل بعض المعلومات والانفراد بالعلم حتى لا علم لغيره من ذاته وإن كان لغيره علم فهو من عطائه وهبته وعلى قدر ارادته ومشيئته