فعمدة الطريق أمران : الملازمة والمخالفة... الملازمة لذكر الله تعالى، والمخالفة لما يشغل عن الله.. وهذا هو السفر الى الله وليس في هذا السفر حركة لا من جانب المسافر ولا من جانب المسافر اليه فانهما معا.. أوَما سمعت قوله تعالى وهو أصدق القائلين : ؟ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ؟ (قـ : ١٦ ) ؟ بل مثل الطالب والمطلوب مثل صورة حاضرة مع مرآة ولكن ليست تتجلى في المرآة لصدأ في وجه المرآة فمتى صقلْتها تجلت فيه الصورة، لا بارتحال الصورة الى المرآة ولا بحركة المرآة الى الصورة ولكن بزوال الحجاب... فان الله تعالى متجل بذاته لا يختفي إذ يستحيل اختفاء النور وبالنور يظهر كل خفاء والله نور السموات والأرض وانما خفاء النور عن الحدقة لأحد أمرين إما لكدورة في الحدقة وإما لضعف فيها، اذ لا تطيق احتمال النور العظيم الباهر كما لا يطيق نور الشمس أبصار الخفافيش... فما عليك إلا أن تنقي عن عين القلب كدورته، وتقوي حدقته، فاذا هو فيه كالصورة في المرآة حتى إذا غافصك في تجليه فيها بادرت وقلت إنه فيه.. وقد تدرع باللاهوت ناسوتي إلى أن يثبتك الله بالقول الثابت فتعرف أن الصورة ليست في المرآة بل تجلت لها ولو حلت فيها لما تصور أن تتجلى صورة واحدة بمرايا كثيرة في حالة واحدة بل كانت اذا حلت في مرآة ارتحلت عن غيرها وهيهات فانه يتجلى لجملة من العارفين دفعة واحدة.. نعم يتجلى في بعض المرايا أصح وأظهر وأقوم وأوضح وفي بعضها أخفى وأميل الى الاعوجاج عن الاستقامة وذلك بحسب صفاء المرآة وصقالتها وصحة استدارتها واستقامة بسط وجهها.. فلذلك قال : إن الله تعالى يتجلى للناس عامة ولأبي بكر خاصة...
ومعرفة السلوك والوصول أيضا بحر عميق من بحار القرآن وسنجمع لك الآيات المرشدة الى طريق السلوك لتتفكر فيها جملة فعساك ينفتح لك ما ينبغي أن ينفتح فهذا القسم هو الدر الأزهر...


الصفحة التالية
Icon