قال ﴿تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ فجعلها من "تَتَظاهَرُونَ" وأدغم التاء في الظاء وبها نقرأ. وقد قرئت ﴿تَظاهَرون﴾ مخففة بحذف التاء الآخرِة لأَنَّها زائدة لغير معنى. وقال ﴿وَإِن يَأتُوكُمْ أَسْرى﴾ وقرئت ﴿أُسَارَى﴾. وذلك لأن "أَسير" "فَعِيل" وهو يشبه "مَرِيضاً" لأنَّ به عيبا [٥٧ب] كما بالمريض، وهذا "فَعِيل" مثله. وقد قالوا في جماعة "المريض": "مَرْضى" وقالوا ﴿أُسارَى﴾ فجعلوها مثل "سكارَى" و"كُسالىَ"، لأنَّ جمع "فَعْلان" الذي به علة قد يشارك جمع "فَعِيل" وجمع "فَعِل" نحو: "حَبِطٌ" و"حَبْطى" و"حُباطَى" و"حَبِجٌ" و"حَبْجى" و"حُباجى". وقد قالوا ﴿أَسارى﴾ كما قالوا ﴿سَكَارَى﴾.
وقال بعضهم ﴿تَفْدُوهم﴾ من "تَفْدِى" وبعضهم ﴿تُفادُوهم﴾ من "فادَى" يُفادِي" وبها نقرأ وكل ذلك صواب.
وقال ﴿فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذلك مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ﴾، وقال ﴿مَا هذاإِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾ و﴿وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ﴾رفع، لأن كل ما لا تحسن فيه الباء من خبر "ما" فهو رفع، لأن "ما" لا تشبه في ذلك الموضع بالفعل، وانما تشبه بالفعل في الموضع الذي تحسن فيه الباء، لأنها حينئذ تكون في معنى "ليس" لا يشركها معها شيء. وذلك قول الله عز وجل ﴿مَا هذابَشَراً﴾. ، وتميم ترفعه، لانه ليس من لغتهم أن يشبهوا "ما" بالفعل.
وقال ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هؤلاء﴾ وفي موضع آخر ﴿هَا أَنْتُمْ هؤلاء﴾ كبعض ما ذكرنا وهو كثير في كلام العرب. وردّد* التنبيه توكيدا. وتقول: "ها** أَنَا هذا" و"ها**" أَنْتَ هذا فتجعل "هدا" للذي يخاطب، وتقول: "هذا أنت". وقد جاء أشد من ذا. قال الله عز وجل ﴿مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي الْقُوَّةِ﴾ والعصبة هي تنوء بالمفاتيح. قال [وهو الشاهد السابع عشر بعد المئة من مجزوء الوافر]:
تَنُوءُ بِها فَتُثْقِلُها * عَجِيزَتُها......


الصفحة التالية
Icon