قال ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ﴾ فان قيل فأين جواب ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ [٦٠ء] كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ﴾ قلت: "جوابه في القرآن كثير، [و] استغني عنه في هذا الموضع اذ عرف معناه. كذلك جميع الكلام إذا طال تجيء فيه أشياء ليس لها أجوبة في ذلك الموضع ويكون المعنى مستغنى به ** نحو قول الله عز وجل ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَل للَّهِ الأَمْرُ جَمِيعاً﴾ فيذكرون [ان] تفسيره: "لَوْ سُيِّرَتْ الجِبالُ بقرآنٍ غيرِ هذا لَكَانَ هذا القرآنُ سَتُسَيَّر بِهِ الجِبالُ" فاستُغْنِيَ عن اللَّفْظِ بالجَوابِ إذْ عُرِفَ المَعْنى. وقال ﴿لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ﴾ ولم يجيء لـ"تحسَبَنَّ" الأول بجواب وتُرِكَ للاستغناءِ بما في القرآن من الأجوبة. وقال ﴿وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ معناه "لا يَحَسَبُنَّهُ خَيْراً لَهُمْ" وحذف ذلك الكلام وكان فيما بقي دليل على المعنى. ومثله ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ثم قال ﴿وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ﴾ من قبل أن يجيء بقوله "فَعَلُوا كَذا وَكَذا" لان ذلك في القرآن كثير، استغني به. وكان في قوله ﴿وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ﴾ دليل على أَنَّهُمْ أعرَضُوا فاستغني بهذا [٦٠ب] وكذلك جميع ما جاز