﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴾
قال ﴿ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً﴾ و"السِّلْمُ": الإِسْلامُ. وقوله ﴿وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ﴾ ذلك : الصُلْح. وقد قال بعضهم في "الصلح": "السِّلم. وقال ﴿وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ﴾ وهو الاستسلام. وقال ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً﴾ أي: قالوا "بَراءَةً مِنْكُم" [٧٢ب] لأنّ "السَّلام" في بعض الكلام هو: البراءة. تقول: "إنّما فلانٌ سَلامٌ بِسلام" أي: لا يُخالِطُ إِحداً. قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الحادي والاربعون بعد المئة]:
سَلامَكَ رَبَّنا في كلِّ فَجْرٍ * بَريئا ما تَغَنَّثُكَ* الذُّمومُ
يعني تَأَوَّبكَ، يقول: "براءَتَكَ". وقال ﴿إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ﴾ وهذا فيما يزعم المفسرون: قالوا خيراً. كأنه - و الله اعلم - سمع منهم التوحيد فقد قالوا خيرا، فلما عرف انهم موحدون قال: "سلامٌ عَلَيْكُم" فسلمَ عليهم. فهذا الوجه رفع على الابتداء. وقال بعضهم: "ما كان من كلام الملائكة فهو نصب وما كان من الانسان فهو رفع في السلام". وهذا ضعيف ليس بحجة. وقال ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ﴾ فهذا يجوز على معنى: "سلامٌ عَلَيْكُم" في التسليم. او يكون على البراءة الا انه جعله خبر المبتدأ كأنه قال "أمِري سَلامٌ". اي: أمري براءة منكم، وأضمر الاسم كما يضمر الخبر. وقال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الرابع عشر]:
فَيا ظَبْيَةَ الوَعْساءِ بَيْنَ جَلاجِلٍ * وَبَينَ النَّقا آأَنْتِ أَمْ أُمُ سالِمِ