قال ﴿لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ وقال ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ فنصبهما بغير تنوين. وذلك ان كل اسم منكور نفيته بـ"لا" وجعلت "لا" الى جنب الاسم فهو مفتوح بغير تنوين، لان "لا" مشبهة بالفعل، كما شبهت "إنْ" و "ما" بالفعل. و (فيه) في موضع خبرها وخبرها رفع، وهو بمنزلة الفاعل، وصار المنصوب بمنزلة المفعول به، و (لا) بمنزلة الفعل. وانما حذفت التنوين منه لانك جعلته و "لا" اسما واحدا، وكل شيئين جُعِلاَ اسما لم يصرفا. والفتحة التي فيه لجميع الاسم، بني عليها وجعل غير متمكن. والاسم الذي بعد "لا" في موضع نصب عملت فيه "لا".
واما قوله ﴿لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ فالوجه فيه الرفع لان المعطوف عليه لا يكون الا رفعا [١١ب] ورفعته لتعطف الآخر عليه. وقد قرأها قوم نصبا وجعلوا الآخر [رفعا] على الابتداء.
وقوله ﴿فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ فالوجه النصب لان هذا نفي ولانه كله نكرة. وقد قال قوم ﴿فَلاَ رَفَثٌ وَلاَ فُسُوقٌ وَلاَ جِدَالٌ فِي الْحَجِّ﴾ فرفعوه كله، وذلك انه قد يكون هذا المنصوب كله مرفوعاً في بعض كلام العرب. قال الشاعر: :[من البسيط وهو الشاهد السابع]:
وما صرمتُكِ حتى قلتِ معلنةً * لا ناقةٌ ليَ في هذا ولا جَمَل
وهذا جواب لقوله "هل فيه رفثٌ أو فسوقٌ" فقد رفع الأسماء بالابتداء وجعل لها خبراً، فلذلك يكون جوابه رفعاً. واذا قال "لا شيءَ" فانما هو جواب "هل من شىءٍ"، لان "هل مِن شيءٍ"* قد اعمل فيه "مِن" بالجر وأضمر الخبر والموضع مرفوع، مثل "بحسبِك أَنْ تشتمَني" [فـ] انما هو "حسبُك أَنْ تشتمني". فالموضع مرفوع والباء قد عملت.


الصفحة التالية
Icon