فأما قوله ﴿سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ فانما دخله حرف الاستفهام وليس باستفهام لذكره السواء، لانه اذا قال في الاستفهام: "أَزيدْ عندك أم عَمْرو" وهو يسأل ايهما عندك فهما مستويان عليه، وليس واحد منهما أحق بالاستفهام من الآخر. فلما جاءت التسوية في قوله ﴿أَأَنذَرْتَهُمْ﴾ أشبه بذلك الاستفهام، اذ أشبهه في التسوية. ومثلها ﴿سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [١٤ء] ولكن ﴿أَسْتَغْفَرْتَ﴾ ليست بممدودة، لان الالف التي فيها ألف وصل لانها من "اسْتَغْفَر" "يَستغِفرُ" فالياء مفتوحة من "يَفْعل" واما (أَأَنْذرتهم) ففيها الفان الف ﴿أَنْذَرت﴾ وهي مقطوعة لانه يقول "يُنْذِرُ" فالياء مضمومة ثم جعلت معها الف الاستفهام فلذلك مددت وخففت الآخرة منهما لانه لا يلتقي همزتان. وقال ﴿أَفلاَ تُبْصِرُونَ﴾ ﴿أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هذاالَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾. وقال بعضهم انه على قوله ﴿أَفلاَ تُبْصِرُونَ﴾ وجعل قوله ﴿أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هذاالَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾ بدلا من ﴿تُبْصِرُونَ﴾. لان ذلك عنده بصرا منهم ان يكون عندهم هكذا وهذه "أم" التي تكون في معنى "أيهما". وقد قال قوم "انها يمانية" وذلك ان أهل اليمن يزيدون "أم" في جميع الكلام. واما ما سمعنا من اليمن فيجعلون "أم" مكان الالف واللام الزائدتين، يقولون "رأيت امْرَجُلَ" و "قام امرجل" يريدون "الرجل". ولا يشبه ان تكون ﴿أَمْ أَنَآ خَيْرٌ﴾ على لغة أهل اليمن. وقد زعم ابو زيد انه سمع اعرابياً فصيحا ينشدهم:
[من الرجز وهو الشاهد الثاني عشر]:
يا دَهرُ أَمْ كان مَشْيِي رَقَصا * بلْ قدْ تكونُ مشيتي تَرَقُّصا
فسأله فقال: "معناه ما كان مشيي رقصا فـ"أم" ها هنا زائدة. وهذا [١٤ب] لا يعرف. وقال علقمة بن عبدة: [من الطويل وهو الشاهد الثالث عشر]: