قال ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾ يقول "مِنْهُمْ قَوْمٌ" فأضمر "القَوْم". قال النابغة الذبياني: [من الوافر وهو الشاهد السادس والسبعون بعد المئة]:
كَأَنَّكَ منْ جِمالِ بَنِي أُقَيْشٍ * يُقَعْقَعُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
أي: كأنَّكَ جَمَلٌ مِنْها. وكما قال ﴿وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾ أي: وإِنْ مِنْهُمْ واحدٌ إلاّ لَيُؤْمِنُنَّ به". والعرب تقول: "رَأيتُ الذي أَمْسِ" أي: رأيتُ الذي جاءَكَ أمْسِ" أو"تَكَلَّمَ أمْسِ".
﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً ﴾ وقوله ﴿رَاعِنَا﴾ أي: "راعِنا سَمْعَكَ. في معنى: أَرِعْنا. وقوله ﴿غَيْرَ مُسْمِعٍ﴾ أي: لا سَمِعْتُ [٩٧ب] أي: لا سُمِعْتَ واما ﴿غَيْرَ مُسْمِعٍ﴾ أي: لا يُسْمَعُ مِنْكَ فأَنْتَ غَيْر مُسْمِعٍ.
وقال ﴿وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ﴾. وانما قال ﴿وَانْظُرْنَا﴾ لأَنَّها من "نَظَرْتُه" أي: "انْتَظَرْتُهُ". وقال ﴿انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ﴾ أي: انْتَظِرُوا. وأما قوله ﴿يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾ فانما هي: إلى قَدَّمَتْ يَداه. قال الشاعر:
[من الخفيف وهو الشاهد السابع والسبعون بعد المئة]
ظاهِراتُ الجَمالِ والحُسْنِ يَنْظُرْ * نَ كَما تَنْظُرُ الأَراكَ الظِّباءُ
وان شئت كان ﴿يَنْظُرُ المَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ﴾ على الاستفهام مثل قولك "يَنْظُرُ خيراً قدّمَتْ يداهُ أَمْ شَرّاً".
﴿ يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ﴾