[وقال] ﴿مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ فموضع ﴿كَانَ﴾ جزم والجواب الفاء وارتفعت ﴿يُرِيدُ﴾ لأنه ليس فيها حرف عطف. كما قال ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ﴾، وقال ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ فجزم لأن الأول في موضع جزم ولكنه فعل واجب فلا ينجزم، و ﴿يُرِيدُ﴾ في موضع نصب بخبر ﴿كَانَ﴾. [و] قال ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً﴾ [١٢٨] فجعل الاسم يلي ﴿إنْ﴾ لأَنَّها أَشَدُّ حروف الجزاء تمكنا. وإنَّما حسن هذا فيها اذا لم يكن لفظ ما وقعت عليه جزما نحو قوله: [من البسيط وهو الشاهد الثامن والسبعون بعد المئة]:
* عاوِدْ هَراةَ وإِنْ مَعْمُورُها خَرَبا *
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾
قال ﴿إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا﴾ لأنّ ﴿أوْ﴾ ها هنا في معنى الواو. أَو يكون جمعهما في قوله ﴿بِهِما﴾ لأنهما قد ذكرا نحو قوله عز وجل ﴿وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا﴾. أوْ يكونُ أضمرَ ﴿مَنْ﴾ كأنه "إنْ يَكُنْ مَنْ تَخاصَم غَنِيّاً أوْ فَقِيراً" يريد "غنيين أو فقيرين" يجعل "مَنْ" في ذلك المعنى ويخرج ﴿غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً﴾ [١٠٠ء] على لفظ "من".