وقال ﴿مَخْمَصَةٍ﴾ تقول: "خَمَصَهُ الجُوع" نحو "المَغْضَبَة" لأنَّه أَرادَ المصدر.
[وقال] ﴿يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ مهموزة الياء الثانية وهي من "فَعِل" "يَفْعِل" وكسر الياء الأولى لغة نحو "لِعْبَ" ومنهم من يكسِر اللام والعين ويسكنون العين ويفتحون [١٠١ ب] اللام أيضاً ويكسرونها وكذلك "يئس". وذلك أنَّ "فعل" اذا كان ثانيه احد الحروف الستة كسروا أوله وتركوه على الكسر، كما يقولون ذلك في "فعيل" نحو "شِعير" و "صِهيل". ومنهم من يسكن ويكسر الأولى نحو "رِحْمَهُ اللهُ" فلذلك تقول: "يِئْسَ" تسكر الياء وتسكن الهمزة. وقد قرئت هذه الآية ﴿نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ على تلك اللغة التي يقولون فيها "لِعِبَ". وأُناس يقولون "نَعِمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ" فقد يجوز كسر هذه النون التي في "نَعِمَ" لأن التي بعدها من الحروف الستة كما كسر "لِعِب". وقولهم: "ان العين ساكنة من "نِعِمّا" اذا ادغمت خطأ لأنه لا يجتمع ساكنان. ولكن اذا شئت أخفيته فجعلته بين الادغام والاظهار فيكون في زنة متحرك كما قرئت ﴿إِنِّي لَيَحْزُنُنِي﴾ يشمون النون الأولى الرفع.
وقال ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ لأَّنَّ الاسلام كان فيه بعض الفرائض فلما فرغ الله مما أراد منه قال ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ ﴿وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً﴾ لا على غير هذه الصفة.
وقال ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ كأنه قال: "فإِنَّ اللهُ لَهُ غَفُورٌ رَحِيم". كما تقول: "عبدُ اللهِ ضَرَبْتُ" تريد: ضربته. قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الحادي والثمانون بعد المئة]:
[١٠٢ ء] ثَلاثٌ كُلُّهُنَّ قتلتُ عَمْداً * فَأَخْزَى اللهُ رابعَةً تَعُود
وقال الآخر: [من الرجز وهو الشاهد الثاني والثمانون بعد المئة]:
قدْ أَصْبَحَتْ أُمُ الخِيارِ تَدَّعي * عَلَيَّ ذَنْباً كُلَّهُ لَمْ أَصْنعِ


الصفحة التالية
Icon