﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾
[وقال] ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَآ [١٠٧ ء] أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا﴾ فجعل ﴿تكونُ﴾ من صفة "المائدة" كما قال ﴿هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي﴾ رفع اذا جعله صفة وجزم اذا جعله جوابا كما تقول: "أَعْطِني ثَوْباً يَسَعُني" اذا أردت واسعا و"يَسَعِْني" اذا جعلته جوابا كأنك تشترط أنه يسعك.
[و] قال ﴿وَآيَةً مِّنْكَ﴾ عطف على "العيد" كأنه قال: "يكونُ عِيداً وآيَةً" وذكر ان قراءة ابن مسعود ﴿تَكُنْ لَنَا عِيداً﴾.
وليس قولهم ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ﴾ [١١٢] لأنهم ظنوا انه لا يطيق. ولكنه كقول العرب: أَتَسْتَطيعُ أَنْ تَذْهَبَ في هذهِ الحاجَةِ وتدَعَنا من كَلامِكَ"، وتقول: "أَتَسْتَطيعُ أَنْ تَكُفَّ عَنّي فإِنِّي مَغْمُوم". فليس هذا لأنه لا يستطيع ولكنه يريد "كُفَّ عَنِّي" ويذكر له الاستطاعة ليحتج عليه أَيْ: إِنَّكَ تستطيعُ. فاذا ذكّره إِياها علم أَنها حجة عليه. وانما قرئت ﴿هَلْ تَسْتَطيعُ رَبَّكَ﴾ فيما لَدَيّ لغموض هذا المعنى الآخر و الله أعلم. وهو جائز كأنه أضمر الفعل فأراد "هلْ تَستَطيعُ أَنْ تدعوَ رَبَّكَ" أَوْ "هلْ تَستَطيعُ رَبَّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ"، فكل هذا جائز.
و"المائِدَةُ" الطعام. و"فَعَلْتُ" منها: "مِدْتُ" "أَمِيدُ". قال الشاعر: [من الرجز وهو الشاهد الثامن والثمانون بعد المئة]:
نُهْدِى رُؤوسَ المُجْرِمينَ الأَندادْ * إلى أمِيرِ المؤمِنِينَ المُمْتاد
[١٠٧ ب] [ و["المُمْتاد"] هو "مُفْتَعِلٌ" من "مِدْتُ".


الصفحة التالية
Icon