[١٦ء] واما قوله ﴿أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾﴿أَوَ آبَآؤُنَا الأَوَّلُون ﴾ فان هذه الواو واو عطف كأنهم قالوا: ﴿أإِنا لَمَبْعُوثُون﴾فقيل لَهُم: "نَعم وآباؤكم الأوَّلُون" فقالوا ﴿أَوَ آبَآؤُنَا﴾، وقوله ﴿أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ﴾ ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ﴾ وأشباه هذا في القرآن كثير. فالواو مثل الفاء في قوله ﴿أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ﴾ وقوله ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ الْقَوْلَ﴾ وان شئت جعلت هذه الفاءات زائدة. وان شئت جعلتها جواباً لشيء كنحو ما يقولون "قد جاءني فلان" فيقول "أَفَلَمْ أقض حاجته" فجعل هذه الفاء معلقة بما قبلها.
﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾
أما قوله ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ فان الختم ليس يقع على الابصار. انما قال ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ ثم قال ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ مستأنفا. وقوله ﴿خَتَمَ اللَّهُ﴾ لأن ذلك كان لعصيانهم الله فجاز ذلك اللفظ، كما تقول: "أَهَلَكتْهُ فُلانَةُ" إذا أُعْجِب بها. وهي لا تفعل به شيئا لانه هلك في اتباعها. او يكون "خَتَم" حكم بها انها مختوم عليها.
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴾