﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم﴾ وقال بعضهم ﴿يُخادِعُونَ﴾ يقول "يَخْدَعون انفسهم بالمخادعة لها "وبها نقرأ. وقد تكون المفاعلة من واحد في أشياء كثيرة تقول: "باعَدْتُه مُباعَدَةً" و "جاوزتُه مجاوزَةً" في أشياء كثيرة. وقد قال ﴿وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ فذا على الجواب. يقول الرجل لمن كان يخدعه اذا ظفر به "أَنَا الذي خدعتُكَ" ولم تكن منه خديعة ولكن قال ذلك اذ صار الامر اليه. وكذلك ﴿وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ و ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ﴾ [١٥] على الجواب. و الله لا يكون منه المكر والهزء. والمعنى ان المكر حاق بهم والهزء صار بهم.
﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾
أما قوله ﴿فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً﴾ فمن فخم نصب الزاي فقال ﴿زَادَهم﴾ ومن امال كسر الزاي فقال ﴿زادهم﴾ لانها من "زِدت" اولها مكسور. فناس من العرب يميلون ما كان من هذا النحو وهم بعض اهل الحجاز ويقولون ايضاً ﴿وَلِمَنْ خِافَ مَقَامَ رَبِّهِ﴾و ﴿فَانكِحُواْ مَا طِابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ﴾ [و] ﴿وَقَدْ خِابَ﴾ ولايقولون ﴿قِال﴾ ولا (زِار) لانه يقول (قُلْتُ) و (زُرْتُ) فأوله مضموم. فانما يفعلون هذا في ما كان اوله من "فعلتُ" مكسوراً إلاَّ أنَّهم ينحون الكسرة كما [١٨ب] ينحون الياء في قوله ﴿وَسَقِاهُمْ رَبُّهُمْ﴾. و ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا﴾. ويقرأ جميع ذلك بالتفخيم. وما كان من نحو هذا من بنات الواو وكان ثالثاً نحو ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا﴾ ونحو ﴿وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا﴾.