وقال ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ [١٧] صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾ فرفع على قوله: "هُمْ صمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ" رفعه على الابتداء ولو كان على اول الكلام كان النصب فيه حسنا. وأما ﴿حَوْلَهُ﴾ فانتصب على الظرف، وذلك ان الظرف منصوب. والظرف هو ما يكون فيه الشيء، كما قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد الثامن والعشرون]:
[٢٤ء] هذا النهارُ بدا لَها من هَمِّها * ما بالُها بالليلِ زالَ زوالَها
نصب "النهارَ" على الظرف وان شاء رفعه وأضمر فيه. وأما "زوالَها" فانه كأنه قال: "أزالَ اللَّهُ الليلَ زوالَها".
﴿ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَآءَ لَهُمْ مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
أما ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ فمنهم من قرأ (يَخْطِفُ) من "خَطَفَ" وهي قليلة رديئة لا تكاد تعرف. وقد رواها يونس (يَخِطِّفُ) بكسر الخاء لاجتماع الساكنين. ومنهم من قرأ (يَخْطَفُ) على "خَطِفَ يخطَفُ" وهي الجيدة، وهما لغتان. وقال بعضهم (يَخِطِّفُ) وهو قول يونس من "يَخْتَطِفُ" فأدغم التاء في الطاء لان مخرجها قريب من مخرج الطاء. وقال بعضهم (يَخَطِّفُ) فحول الفتحة على الذي كان قبلها، والذي كسر كسر لاجتماع الساكنين فقال ﴿يَخِطِّفُ﴾ ومنهم من قال ﴿يِخِطِّفُ﴾ كسر الخاء لاجتماع الساكنين ثم كسر الياء اتبع الكسرة الكسرة وهي قبلها كما اتبعها في كلام العرب كثيرا، يتبعون الكسرة في هذا الباب الكسرة يقولون "قِتِلوا" و "فِتِحوا" يريدون: ["اقتِلوا"و ]* اِفْتحَوا". قال ابو النجم [من الرجز وهو الشاهد التاسع والعشرون]:
* تَدافُعَ الشِيبِ ولم تِقِتِّل *


الصفحة التالية
Icon