وقوله ﴿مَاذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً﴾ فيكون "ذا" بمنزلة "الذي". ويكون "ماذا" اسما واحدا ان شئت بمنزلة "ما" كما قال ﴿مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً﴾ فلو كانت "ذا" بمنزلة "الذي" لقالوا "خيرٌ" ولكان الرفع وجه الكلام. وقد يجوز فيه النصب لانه لو قال "ما الذي قلت"؟ فقلت "خيراً" أي: "قلت خيراً" لجاز. ولو قلت: "ما قلت": "فقلت: "خيرٌ" أي: "الذي قلت خيرٌ" لجاز، غير انه ليس على اللفظ الأول كما يقول بعض العرب اذا قيل له: "كيف أصبحت"؟ قال: "صالحٌ" أي: "أنا صالحٌ". ويدلك على أن "ماذا" اسم واحد قول الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثلاثون]:
دَعِي ماذا علمتُ سأَتَّقيهِ * ولكنْ بالمغيَّبِ نَبِّئِيني
فلو كانت "ذا" ها هنا بمعنى (الذي) لم يكن كلاما.
﴿ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾
أما قوله ﴿عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ﴾ فـ"أَنْ يُوصل" بدل من الهاء في "به" كقولك "مررت بالقومِ بعضِهم".
وأما "ميثاقه" فصار مكان "التَوثُّق" كما قال ﴿أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً﴾ والاصل "إِنباتاً" وكما قال" العَطاء" في مكان "الإِعطاء".
﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾
قوله ﴿وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ﴾ فانما يقول كنتم ترابا ونُطَفا فذلك [٢٦ب] ميّت. وهو سائغ في كلام العرب، تقول للثوب: "قَدْ كان هذا قُطْنا" و "كان هذا الرُّطَبُ بُسْرا"*. ومثل ذلك قولك للرجل: "اعمل هذا الثوب" وانما معك غزل.
المعاني الواردة في آيات سورة ( البقرة )