وقد سكت قوم بالياء ووصلوا بالياء، وذلك على خلاف الكتاب، لان الكتاب ليست فيه ياء وهي اللغة الجيدة. وقد سمعنا عربيا فصيحا ينشد: [من الطويل وهو الشاهد السادس والاربعون]:
فما وَجَدَ النَّهْدِيُ وَجْداً وَجَدْتُهُ * ولا وَجَدَ العُذْرِيُّ قبلِ جَمِيلُ
يريد "قبلِي" فحذف الياء. وقد أعمل بعضهم "قَبْل" اعمال ما ليس فيه ياء فقال: "قبلُ جميل" وهو يريد "قبلي". كما قال بعضُ العرب "يا ربُّ اغفِر لي" فرفع وهو يريد "يا ربّي".
واما قوله ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ﴾ و ﴿أَضَلُّونَا السَّبِيلاْ﴾ فتثبت فيه الالف لانهما رأس آية، لان قوما من العرب يجعلون أواخر القوافي اذا سكتوا عليها على مثل حالها اذا وصلوها وهم اهل الحجاز. [٣٤ء] وجميع العرب اذا ترنموا في القوافي أثبتوا في أواخرها الياء والواو والالف. وأما قوله ﴿ياأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ﴾ فأنث هذا الاسم بالهاء كقولك "رجُلٌ رَبْعَةٌ" و "غُلامٌ يَفَعَةٌ". او يكون ادخلها لما نقص من الاسم عوضا. وقد فتح قوم كأنهم أرادوا "يا أبتا" فحذفوا الالف كما يحذفون الياء، كما قال الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الحادي والاربعون]:
[ولست بمدرك ما فات مني] * "لهفَ" ولا بـ"ليتَ" ولا لَوَآني"
يريد: "لَهْفاه". ومما يدلك على ان هذا الاسم أنث بالهاء قول الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد السابع والاربعون]:
تقولُ ابنتي لما رأتنِيَ شاحِباً * كأنَّكَ فينا يا أَبات غريبُ
فرد الالف وزاد عليها الهاء كما أنثَ في قوله "يا أمتاه" فهذه ثلاثة أحرف. ومن العرب من يقول: "يا أمَّ لا تفعلي" رخّم كما قال: "يا صاحِ". ومنهم من يقول "يا أميّ" و"يا أبي" على لغة الذين قالوا: "يا غلامِي. ومنهم من يقول "يا أبِ" و"يا أمِّ" وهي الجيدة في القياس.
﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾


الصفحة التالية
Icon