أما قوله ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾ فلأنه حمل الكلام على "الصلاةِ". وهذا كلام منه ما يحمل على الأول ومنه ما يحمل على الاخر. وقال ﴿وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ فهذا يجوز على الأول والآخر، وأقيس هذا اذا ما كان بالواو ان يحمل عليهما جميعاً. تقول: "زيد وعمرو ذاهبان". وليس هذا مثل "أو" لان "أو" انما يخبر فيه عن أحد الشيئين. وأنت في "أو" بالخيار ان شئت جعلت الكلام على الأول وان شئت على الآخر، وأن تحمله على الآخر أقيس لانك ان تجعل الخبر على الاسم الذي يليه [الخبر] فهو أمثل من أن تجاوزه الى اسم بعيد منه. قال ﴿وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّواْ إِلَيْهَا﴾ فحمله على الأول، وقال في موضع آخر ﴿وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾ وقال ﴿وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً﴾ فحمله على الآخر. قال الشاعر: [من البسيط وهو الشاهد الثامن والخمسون]:
أمّا الوَسامَةُ أو حُسْنُ النِساءِ فَقَدْ * أُوتيتِ مِنْهُ لو انَّ العقلَ محتَنِكُ
وقال ابنُ أحمر: [من الطويل وهو الشاهد التاسع والخمسون]:
[٣٨ء] رماني بداءٍ كنتُ منهُ ووالدي * بريئاً ومن أَجْلِ الطَوِيِّ رماني
وقال الآخر: [من المنسرح وهو الشاهد الستون]:
نحنُ بِما عندَنا وأنتَ بما * عندَكَ راضٍ والرأيُ مُخْتَلِفُ
وهذا مثل قول البرجمي: [من الطويل وهو الشاهد الحادي والستون]:
مَنْ يكُ أمْسى بالمدينةِ دارُهُ * فإنّي وَقَيّاراً بِها لَغَرِيبُ
وأما قوله ﴿بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ﴾