ومنهم من يقول ﴿النُّبَاءَ﴾ أولئك الذين يهمزون "النَبِىء" فيجعلونه مثل "عَريف" و"عُرَفاء". والذين لم يهمزوه جعلوه مثل بنات الياء فصار مثل "وَصِيّ" و"أَوْصِياء" ويقولون ايضاً: "هُمْ وَصِيُّونَ". وذلك ان العرب تحوّل الشيء من الهمزة حتى يصير كبنات الياء، يجتمعون على ترك همزة نحو "المِنْسأَةِ" ولا يكاد أحد يهمزها الا في القرآن فان اكثرهم قرأها بالهمز وبها نقرأ، وهي من "نَسَأْتُ". وجاء ما كان من "رَأَيْتُ" على"يَفْعَلُ" أو"تَفْعَلُ" أو"نَفْعَلُ" أو"أَفْعَلُ" غير مهموز، وذلك ان الحرف الذي كان قبل الهمزة ساكن، فحذفت الهمزة وحرك الحرف الذي قبلها بحركتها كما تقول: "مَنَ ابوك". قال ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى﴾ وقال ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ وقال ﴿إِنَّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ﴾ وقال ﴿إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ﴾. واما قوله ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ و﴿أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾ وما كان من "أَرَأَيْتَ" في هذا المعنى ففيه لغتان، منهم من يهمز ومنهم من يقول "أَريْتَ". وانما يفعل هذا في "أَرَأَيْتَ" هذه التي وضعت للاستفهام لكثرتها. فأما "أَرأَيْتَ زَيْداً" اذا أردت "أَبْصَرْتَ زَيَداً" فلا يتكلم بها إلاّ مهموزة [٤٥ب] أو مخففة. ولا يكاد يقال "أَرَيْتَ" لأَنَّ تلك كثرت في الكلام فحذفت كما حذفت في "[أَمَانَّه] ظريف" يريدون: "أَما إِنَّه ظَريفٌ" [ف] يحذفون ويقولون أيضاً "لَهِنَّكَ لَظَريفٌ" يريدون: " [لـ] إنَّكَ لَظَريفٌ". ولكن الهمزة حذفت كما حذفوا في قولهم: [من البسيط وهو الشاهد الحادي والثمانون]:
لاهِ ابنُ عَمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ * عَنّي وَلا أَنَتَ دَيّاني فَتَخْزُوني
وقال الشاعر "من الكامل وهو الشاهد الثاني والثمانون]:
أَرأيْتَ إنْ أَهْلَكْتُ مالِيَ كُلَّهُ * وَتَرَكْتُ مَا لَكَ فيمَ أَنْتَ تَلُومُ


الصفحة التالية
Icon