ما أَعْطيانِي وَلا سَألْتُهُما * إلاّ وإني لَحاجِزِي كَرَمي
فلو أُلْقِيَتْ من هذه اللامَ ايضاً لكانت "أَن". وقال ﴿ذالِكُمْ فَذُوقُوهُ [٤٩ء] وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾ كأنه قال: "ذاكَ الأمْر" وهذا قوله ﴿وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ﴾ تقع في مكانه "هذا". وقال ﴿ذالِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾ كأنه على جواب من قال: "ما الأَمْرُ"؟ أو نحو ذلك فيقول للذين يسألون: "ذلك م..." كأنه قال: "ذلِكُمْ الأمرُ وأَنَّ اللّهَ موهنُ كيدِ الكافرين" فحسن أن يقول: "ذلك م" و"هذا". وتضمر الخبر او تجعله خبر مضمر. وقال ﴿إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى﴾ ﴿وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى﴾ لانه يجوز ان تقول: "إنَّ لَكَ ذاكَ" و"هذا" وهذه الثلاثة الأحرفُ يجوز فيها كسر "إِنَّ" على الابتداء. ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ.. أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ﴾ فيجوز أن تقول: "فنادته الملائكة بِذاكَ" وان شئت رفعته على الحكاية كأنه يقول: "فنادَتْهُ الملائكةُ فَقالَتْ: "إِنَّ اللّهُ يُبَشِّرُكَ" لأنَّ كُلَّ شيء بعدَ القولِ حكاية، تقول: "قُلْتُ: "عبدُ اللّهِ مُنْطَلِقٌ" وقلت: "إنَّ عبدَ اللّهِ زيداً مُنْطَلِقٌ" إلاَّ في لُغَةِ من أعمل القول من العرب كعمل الظن فذاك ينبغي [له] أنْ يفتح "أَنَّ". وقال ﴿إِنَّ هَاذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ فيزعمون أنَّ هذا "ولأنَّ هذهِ أمَّتَكُم أُمَّةٌ واحدةٌ وَأَنَا رَبُّكُّمْ فَاتَّقُونِ" يقول: "فَاتَّقُون لأَنَّ هذِهِ أُمَّتَكُمْ" [٤٩ب] وهذا يحسن فيه كذاك، فان قلت: "كيف تلحق اللام ولم تكن في الكلام". فان طرح اللام واشباهها من حروف الجرّ من "أَنَّ" حسن ألا تراه يقول "أَشْهد أَنَّك صادِقٌ" وإنَّما هو "أشهد على ذلك ". وقال ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾ يقول: "فلا تدعوا مع الله


الصفحة التالية
Icon