وقال الراجز: [وهو الشاهد الثالث].
يا نفسُ صبراً كلُّ حي لاق * وكلُّ إثنين إلى افتراق
[٦ء] وهذا لا يكاد يعرف.
وقوله: ﴿لِلَّهِ﴾ جر باللام كما انجر قوله:
﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ الرحمن الرَّحِيمِ ﴾ لانه من صفة قوله ﴿للَّهِ﴾. فان قيل: "وكيف يكون جرّا وقد قال: ﴿إِيّاك نَعْبُدُ [٥]﴾.
وأما فتح نون ﴿الْعَالَمِينَ﴾ فانها نون جماعة، وكذلك كل نون جماعة [زائدة] على حدّ التثنية فهي مفتوحة. وهي النون الزائدة التي لا تغيّر الاسم عما كان عليه: نحو نون "مسلمين" و "صالحين" و "مؤمنين" فهذه النون زائدة لأنك تقول: "مسلم" و "صالح" فتذهب النون [٦ب]، وكذلك "مؤمن" قد ذهبت النون الآخرة، وهي المفتوحة، وكذلك "بنون". ألا ترى [انك] انما زدت على "مؤمن" واوا ونونا، وياء ونونا، وهو على حاله لم يتغير لفظه، كما لم يتغير في التثنية حين قلت "مؤمنان" و "مؤمنين". الاّ انك زدت ألفا ونونا، أو ياء ونونا للتثنية. وانما صارت هذه مفتوحة ليفرق بينهما وبين نون الاثنين. وذلك أن نون الاثنين مكسورة أبدا. قال: ﴿قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ﴾ وقال ﴿أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا﴾ والنون مكسورة.
وجعلت الياء للنصب والجرّ نحو "العالمينَ" و "المتقينَ"، فنصبهما وجرهما سواء، كما جعلت نصب "الاثنينِ" وجرهما سواء، ولكن كسر ما قبل ياء الجميع وفتح ما قبل ياء الاثنين ليفرق ما بين الاثنين والجميع، وجعل الرفع بالواو ليكون علامة للرفع، وجعل رفع الاثنين بالالف.
وهذه النون تسقط في الاضافة كما تسقط نون الاثنين، نحو قولك: "بنوك" "ورأيت مسلميك" فليست هذه النون كنون "الشياطين" و "الدهاقين" و "المساكين". لان "الشياطين" و "الدهاقين" و "المساكين" نونها من الاصل [٧ ء] ألا ترى انك تقول: [شيطان] و "شُييطين" و "دِهقان" "دُهَيْقين" و "مِسْكين" و "مُسَيْكين" فلا تسقط النون.