وقال ﴿تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ وقال ﴿إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ وتقول: "عَلِمْت أَنْ لا تُكَرِّمُني" و"حسِبْتُ أَنْ لا تُكْرِمُنِي". فهذا مثل ما ذكرت لك. فانما صار "عَلِمْتُ" و"اسْتَيْقَنْتُ" ما بعده رفع لأنه واجب. فلما كان واجبا لم يحسن أن يكون بعده "أنْ" التي تعمل في الأفعال، لأن تلك إنما تكون في غير الواجب، الا ترى أنك تقول "أُريدُ أَنْ تَأْتِيَني" فلا يكون هذا الا لأمر لم يقع، وارتفع ما بعد الظن وما أشبهه لأنه مشاكل للعلم لأنه يعلم بعض الشيء اذا كان يظنه. وأما "خَشِيتُ أنْ لا تُكْرِمَني" فهذا لم يقع. ففي مثل هذا تعمل ان الخفيفة ولو رفعته على أمر قد استقر عندك وعرفته كأنك جريته فكان لا يكرمك فقلت: "خَشِيتُ أنْ لا تُكْرِمُني" أي: خشيتُ أَنَّكَ [٥٥ب] لا تُكْرِمُني جاز.
وزعم يونس أن ناسا من العرب يفتحون اللام التي في مكان "كَيْ" وانشدوا هذا البيت فزعم انه سمعه مفتوحا: [من الوافر وهو الشاهد الحادي بعد المئة]:
يُؤامِرُني رَبيعَةُ كُلَّ يَومٍ * لأُهْلِكَهُ وأَقْتِنيَ الدَّجاجا
وزعم خلف أنها لغة لبني العنبر وانه سمع رجلا ينشد هذا البيت منهم مفتوحا: [من الطويل وهو الشاهد الثاني بعد المئة]:
فقُلْتُ لكَلْبِيَّيْ قُضاعَةَ إنَّما * تَخَبَّرْ تُماني أهْلَ فَلْجٍ لأَمْنَعا
يريد "مِنْ أهلِ فَلْجٍ". وقد سمعت أنا ذلك من العرب، وذلك أن اصل اللام الفتح وانما كسرت في الاضافة ليفرق بينها وبين لام الابتداء. وزعم أبو عبيدة انه سمع لام "لعلَّ" مفتوحة في لغةِ من يجرّبها ما بعدها في قول الشاعر: [من الوافر وهو الشاهد الثالث بعد المئة]:
لِعَلَّ اللّهِ يُمْكِنُنِي عَلَيْها * جِهاراً من زُهَيْرٍ أَوْ أَسِيدِ


الصفحة التالية
Icon