ِ ويقولون: "هي خَيْرَةُ النِساءِ" ["هنّ خَيْراتُ النِّساء"] لا يكادون يفردونه وافراده جائز. وفي كتاب الله عز وجل ﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾ وذلك انه لم يرد "أَفْعَلَ" وانما اراد تأنيث الخير لأنه لما وصف فقال: "فلانٌ خَيْرٌ" أشبه الصفات فأدخل الهاء للمؤنث.
وأما قوله ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ ثم قال ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ ثم قال ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِّن بَعْدِ ذالِكَ﴾ فلأنه خاطبهم من بعدما حدث عنهم وذا في الكلام والشعر كثير. قال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد العاشر بعد المئة]:
أسيئي بِنا أوّ أَحْسِنِي لا مَلُومَةٌ * لَدَيْنا وَلا مَقْليةٌ إِنْ تَقَلَّبِ
[٥٨/ ء] وانما يريدون "تَقَلَّيْتِ". وقال الآخر: [من الكامل وهوالشاهد الحادي عشر بعد المئة]:
شَطَّتْ مُزارَ العاشِقينَ فأصبحَتْ * عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ ابْنَةٌ مَخْرَمِ
إنَّما أراد "فأصبحت ابنَةُ مخرَمٍ عسراً على طلابُها". وجاز ان يجعل الكلام كأنه خاطبها لانه حين قال: "شَطَّتْ مَزارَ العاشِقين" كأنه قال: "شَطَطْتِ مزار العاشِقين" لأنه إيّاها يريدُ بهذا الكلام. ومثله مما يخرج من أوله قوله: [من الرجز وهو الشاهد الثاني عشر بعد المئة]:
* إنَّ تَميماً خُلِقَتْ مَلْمُوما *
فأراد القبيلة بقوله: "خُلِقَتْ" ثم قال "مَلْمُوما" على الحي أو الرجل، ولذلك قال:
* مثلَ الصَّفا لا تَشْتَكِي الكُلُوما *
ثم قال:
* قَوماً تَرَى واحدَهُم صِهْمِيما *
فجاء بالجماعة لانه اراد القبيلة او الحي ثم قال:
* لا راحِمَ الناسِ ولا مُرْحُوما *
وقال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد الثالث عشر بعد المئة]:
أقولُ لَهُ والرمحُ يأطِرُمَتْنَهُ * تأَمَّل خُفافاً إِنَّنِي أَنَاذلِكا


الصفحة التالية
Icon