والإله اسم يقع على كل معبود بحق أو باطل، ثم غلب على المعبود بالحق.
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) كلاهما مشتق من الرحمة وهى معنى يقوم بالقلب يبعث صاحبه على الإحسان إلى سواه، ويراد منها فى جانب المولى عزّ اسمه أثرها وهو الإحسان.
إلا أن لفظ (الرَّحْمنِ) يدل على من تصدر عنه آثار الرحمة وهى إسباغ النعم والإحسان، ولفظ (الرَّحِيمِ) يدل على منشأ هذه الرحمة، وأنها من الصفات الثابتة اللازمة له، فإذا وصف اللّه جل ثناؤه بالرحمن استفيد منه لغة أنه المفيض للنعم، ولكن لا يفهم منه أن الرحمة من الصفات الواجبة له دائما. وإذا وصف بعد ذلك بالرحيم علم أن للّه صفة ثابتة دائمة هى الرحمة التي يكون أثرها الإحسان الدائم وتلك الصفة على غير صفات المخلوقين، وإذا يكون ذكر الرحيم بعد الرحمن كالبرهان على أنه يفيض الرحمة على عباده دائما لثبوت تلك الصفة له على طريق الدوام والاستمرار.
افتتح عزّ اسمه كتابه الكريم بالبسملة إرشادا لعباده أن يفتتحوا أعمالهم بها،
وقد ورد في الحديث « كل أمر ذى بال لم يبدأ فيه باسم اللّه فهو أبتر »
(أي مقطوع الذنب ناقص).
وقد كان العرب قبل الإسلام يبدءون أعمالهم بأسماء آلهتهم فيقولون باسم اللات أو باسم العزى، وكذلك كان يفعل غيرهم من الأمم، فإذا أراد امرؤ منهم أن يفعل أمرا مرضاة لملك أو أمير يقول أعمله باسم فلان، أي إن ذلك العمل لا وجود له لولا ذلك الملك أو الأمير.
وإذا فمعنى أبتدئ عملى باسم اللّه الرحمن الرحيم أننى أعمله بأمر اللّه وللّه لا لحظ نفسى وشهواتها.
ويمكن أن يكون المراد - أن القدرة التي أنشأت بها العمل هى من اللّه ولو لا ما أعطانى من القدرة لم أفعل شيئا، فأنا أبرأ من أن يكون عملى باسمي، بل هو باسمه تعالى، لأننى أستمد القوة والعون منه، ولولا ذلك لم أقدر على عمله، وإذا فمعنى البسملة التي جاءت أول الكتاب الكريم، أن جميع ما جاء فى القرآن من الأحكام والشرائع