فى المراد من الروح فى هذه الآية ثلاثة آراء :
(١) القرآن وهو المناسب لما تقدمه من قوله :« وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ » ولما بعده من قوله « وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ » ولأنه سمى به فى مواضع متعددة من القرآن كقوله « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا » وقوله « يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ » ولأن به تحصل حياة الأرواح والعقول، إذ به تحصل معرفة اللّه وملائكته وكتبه واليوم الآخر، ولا حياة للأرواح إلا بمثل هذه المعارف.
(٢) جبريل عليه السلام وهو قول الحسن وقتادة، وقد سمى جبريل فى مواضع عدة من القرآن كقوله « نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ » وقوله « فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا »
و يؤيد هذا أنه قال فى هذه الآية « قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي » وقال جبريل « وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ » فهم قد سألوا الرسول كيف جبريل فى نفسه وكيف يقوم بتبليغ الوحى.
(٣) الروح الذي يحيا به بدن الإنسان - وهذا قول الجمهور - ويكون ذكر الآية بين ما قبلها وما بعدها اعتراضا للدلالة على خسارة الظالمين وضلالهم، وأنهم مشتغلون عن تدّبر الكتاب والانتفاع به إلى التعنت بسؤالهم عما اقتضت الحكمة سد الطريق على معرفته، ويؤيد هذا ما
روى عن ابن مسعود رضى اللّه عنه قال :« مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم بنفر من اليهود، فقال بعضهم : سلوه عن الروح، وقال بعضهم لا تسألوه يسمعكم ما تكرهون، فقاموا إليه وقالوا يا أبا القاسم حدّثنا عن الروح، فقام ساعة ينظر، فعرفت أنه يوحى إليه، ثم قال : ويسألونك عن الروح الآية »


الصفحة التالية
Icon