(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
العبادة خضوع ينشأ عن استشعار القلب بعظمة المعبود اعتقادا بأن له سلطانا لا يدرك العقل حقيقته لأنه أعلى من أن يحيط به فكره، أو يرقى إليه إدراكه.
فمن يتذلل لملك لا يقال إنه عبده، لأن سبب التذلل معروف، وهو إما الخوف من جوره وظلمه، وإما رجاء كرمه وجوده.
وللعبادة صور وأشكال تختلف باختلاف الأديان والأزمان، وكلها شرعت لتنبيه الإنسان إلى ذلك السلطان الأعلى، والملكوت الأسمى، ولتقويم المعوجّ من الأخلاق وتهذيب النفوس، فإن لم تحدث هذا الأثر لم تكن هى العبادة التي شرعها الدين.
والاستعانة طلب المعونة والمساعدة على إتمام عمل لا يستطيع المستعين الاستقلال بعمله وحده.
وقد أمرنا اللّه فى هذه الآية ألا نعبد أحدا سواه، لأنه المنفرد بالسلطان، فلا ينبغى أن يشاركه فى العبادة سواه، ولا أن يعظم تعظيم المعبود غيره، كما أمرنا ألا نستعين بمن دونه، ولا نطلب المعونة المتممة للعمل والموصلة إلى الثمرة المرجوة إلا منه، فيما وراء الأسباب التي يمكننا كسبها وتحصيلها.