قال سبحانه ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١)(لأنفال: ٧٠)
هذه الآية خطاب للنبي عليه الصلاة والسلام بشأن أسرى غزوة بدر أي قل يا محمد لهؤلاء الذين وقعوا في الأسر من الأعداء، أن كان الله سبحانه تعالى
يعلم في قلوب هؤلاء الأسر الإيمان والإخلاص، والصدق في دعوى الإيمان.
أن الله سبحانه سوف يعطكم أفضل مما أخد منكم من المال ويمحو عنكم ما حصل لكم من الذنوب ويدخلكم الجنة وهو سبحانه وتعالى واسع المغفرة، ووسع الرحمة.
وكان مما أسرى يوم بدر العباس عم النبي ﷺ، ولهذا كان سبب نزول الآية هو ما رواه عبدالله بن عباس رضى الله عنهما قال : قوله
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى ) كان العباس أسر يوم بدر فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب، فقال العباس حين نزلت هذه الآية : لقد أعطاني الله خصلتين، ما أحب أن لي بهما الدنيا، إني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية فأتاني أربعين عبداً وأنا أرجو المغفرة التي وعدنا، (٢)
ويقول ابن سعدي رحمه الله تعالى ( وقد أنجز الله سبحانه وتعالى وعده للعباس وغيره، فحصل له بعد ذلك من المال، شيئا كثير. حتى إنه مرة، لما قدم على النبي ﷺ، مال كثير، أتاه العباس، فأمره أن يأخذ منه بثوبه، ما يطيق حمله فأخذ منه، ما كاد أن يعجز عن حمله ) ( ٣)
وقد حقق ما وعده فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه
قال إن النبي ﷺ أتي بمال من البحرين، فجاءه العباس فقال
يا رسول الله أعطني، فأني فاديت نفسي، فأديت عقيلاً. فقال خذ فأعطاه في ثوبه)(٤)
ــــــــــــــــــ
(١) سورة الأنفال آية ٧٠