ويقول تبارك وتعالى:( وإِن يكذبوك) يا محمد، هؤلاء المشركون بالله ويخالفوك فيما جئتهم به من التوحيد، فلك فيمن سلف قبلك من الرسل أسوة، فإنهم كذلك جاؤوا قومهم بالبينات وأمروهم بالتوحيد فكذبوهم وخالفوهم ﴿وإلى الله ترجع الأمور﴾ أي وسنجزيهم على ذلك أوفر الجزاء...
( وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ( ٦٧١هـ ) رحمه الله
قوله تعالى: "يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم" معنى هذا الذكر الشكر. "هل من خالق غير الله" يجوز في "غير" الرفع والنصب والخفض، فالرفع من وجهين: أحدهما: بمعنى هل من خالق إلا الله؛ بمعنى ما خالق إلا الله. والوجه الثاني: أن يكون نعتا على الموضع؛ لأن المعنى: هل خالق غير الله، و"من" زائدة. والنصب على الاستثناء. والخفض، على اللفظ. قال حميد الطويل: قلت للحسن: من خلق الشر؟ فقال سبحان الله! هل من خالق غير الله جل وعز، خلق الخير والشر. وقرأ حمزة والكسائي: "هل من خالق غير الله" بالخفض. الباقون بالرفع. "يرزقكم من السماء" أي المطر. "والأرض" أي النبات. "لا إله إلا هو فأنى تؤفكون" من الأَفك (بالفتح) وهو الصرف؛ يقال: ما أفكك عن كذا، أي ما صرفك عنه. وقيل: من الإِفك (بالكسر) وهو الكذب، ويرجع هذا أيضا إلى ما تقدم؛ لأنه قول مصروف عن الصدق والصواب، أي من أين يقع لكم التكذيب بتوحيد الله. والآية حجة على القدرية لأنه نفى خالقا غير الله وهم يثبتون معه خالقين....
قوله تعالى: "وإن يكذبوك" يعني كفار قريش. "فقد كذبت رسل من قبلك" يعزي نبيه ويسليه ( وليتأسى بمن قبله في الصبر. "وإلى الله ترجع الأمور" قرأ الحسن والأعرج ويعقوب وابن عامر وأبو حيوة وابن محيصن وحميد والأعمش وحمزة ويحيى والكسائي وخلف (بفتح التاء) على أنه مسمى الفاعل. واختاره أبو عبيد لقوله تعالى: "ألا إلى الله تصير الأمور" [الشورى: ٥٣] الباقون "تُرْجَع" على الفعل المجهول.