... فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء عليهما السلام سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية وهي طاعة الله تعالى ومتابعة رسوله (، ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضاً، منبهاً على تساويهم في البشرية ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا﴾ أي ليحصل التعارف بينهم كل يرجع إلى قبيلته، وقال مجاهد في قوله عز وجل ﴿لتعارفوا﴾ كما يقال فلان بن فلان من كذا وكذا أي قبيلة كذا وكذا، وقال سفيان الثوري: كانت حمير ينتسبون إلى مخاليفها، وكانت عرب الحجاز ينتسبون إلى قبائلها، وقد قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا عبد الله بن المبارك عن عبد الملك بن عيسى الثقفي، عن يزيد مولى المنبعث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ( قال: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم، فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر" ثم قال غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وقوله تعالى: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ أي إنما تتفاضلون عند الله تعالى بالتقوى لا بالأحساب، وقد وردت الأحاديث بذلك عن رسول الله (.
-قال البخاري: حدثنا محمد بن سلام، حدثنا عبدة عن عبيد الله عن سعيد بن أبي سعيد رضي الله عنه عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله (أي الناس أكرم ؟ قال: "أكرمهم عند الله أتقاهم" قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: "فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله ابن خليل الله" قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: "فعن معادن العرب تسألوني" ؟ قالوا: نعم. قال: "فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا" وقد رواه البخاري في غير موضع من طرق عن عبدة بن سليمان، ورواه النسائي في التفسير من حديث عبيد الله وهو ابن عمر العمري به.


الصفحة التالية
Icon