الثانية: واختلف الناس في الكفار هل عليهم حفظة أم لا؟ فقال بعضهم: لا؛ لأن أمرهم ظاهر، وعملهم واحد؛ قال الله تعالى: "يعرف المجرمون بسيماهم" [الرحمن: ٤١]. وقيل: بل عليهم حفظة؛ لقوله تعالى: "كلا بل تكذبون بالدين. وإن عليكم لحافظين. كراما كاتبين. يعلمون ما تفعلون" [الانفطار: ٩ - ١٢]. وقال: "وأما من أوتي كتابه بشمال" [الحاقة: ٢٥] وقال: "وأما من أوتي كتابه وراء ظهره" [الإنشقاق: ١٠]، فأخبر أن الكفار يكون لهم كتاب، ويكون عليهم حفظة. فإن قيل: الذي على يمينه أي شيء يكتب ولا حسنة له؟ قيل له: الذي يكتب عن شمال يكون بإذن صاحبه، ويكون شاهدا على ذلك وإن لم يكتب. والله أعلم.
الثالثة: سئل سفيان: كيف تعلم الملائكة أن العبد قد هم بحسنة أو سيئة؟ قال: إذا هم العبد بحسنة وجدوا منه ريح المسك، وإذا هم بسيئة وجدوا منه ريح النتن. وقد مضى في "ق" قوله: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" [ق: ١٨] زيادة بيان لمعنى هذه الآية. وقد كره العلماء الكلام عن الغائط والجماع، لمفارقة الملك العبد عند ذلك.... وعن الحسن: يعلمون لا يخفى عليهم شيء من أعمالكم. وقيل: يعلمون ما ظهر منكم دون ما حدثتم به أنفسكم. والله أعلم.
﴿إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي جحيم، يصلونها يوم الدين، وما هم عنها بغائبين، وما أدراك ما يوم الدين، ثم ما أدراك ما يوم الدين، يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله﴾