وفي قوله :" وإن كنتم في ريب " إلى آخره دليل على أن الذي يرجى له الهداية من الضلالة :[ هو ] الشاك الحائر الذي لم يعرف الحق من الضلال فهذا إذا بين له الحق فهو حري بالتوفيق إن كان صادقا في طلب الحق، وأما المعاند الذي يعرف الحق ويتركه فهذا لا يمكن رجوعه لأنه ترك الحق بعدما تبين له ولم يتركه عن جهل فلا حيلة فيه وكذلك الشاك الذي ليس بصادق في طلب الحق بل هو معرض غير مجتهد في طلبه فهذا في الغالب لا يوفق... وفي وصف الرسول بالعبودية في هذا المقام العظيم دليل على أن أعظم أوصافه ﷺ قيامه بالعبودية التي لا يلحقه فيها أحد من الأولين والآخرين كما وصفه بالعبودية في مقام الإسراء فقال :" سبحان الذي أسرى بعبده " وفي مقام الإنزال فقال :" تبارك الذي نزل الفرقان على عبده "
وفي قوله :" أعدت للكافرين " ونحوها من الآيات دليل لمذهب أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار مخلوقتان خلافا للمعتزلة وفيها أيضا أن الموحدين وإن ارتكبوا بعض الكبائر لا يخلدون في النار لأنه قال :" أعدت للكافرين " فلو كان [ عصاة الموحدين ] يخلدون فيها لم تكن معدة للكافرين وحدهم خلافا للخوارج والمعتزلة وفيه دلالة على أن العذاب مستحق بأسبابه وهو الكفر وأنواع المعاصي على اختلافها...
( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون)