وقوله: ﴿إنه لكم عدو مبين﴾ تنفير عنه وتحذير منه، كما قال: ﴿إن الشيطان لكم عدوّ فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونا من أصحاب السعير﴾ وقال تعالى: ﴿أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوّ بئس للظالمين بدلاً﴾ وقال قتادة والسدي في قوله: ﴿ولا تتبعوا خطوات الشيطان﴾: كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان، وقال عكرمة: هي نزغات الشيطان، وقال مجاهد: خطاه أو قال خطاياه، وقال أبو مجلز: هي النذور في المعاصي، وقال الشعبي: نذر رجل أن ينحر ابنه، فأفتاه مسروق بذبح كبش، وقال: هذا من خطوات الشيطان، وقال أبو الضحىَ عن مسروق أتى عبد الله بن مسعود بضرع وملح، فجعل يأكل فاعتزل رجل من القوم فقال ابن مسعود: ناولوا صاحبكم، فقال: لا أريده، فقال: أصائم أنت قال: لا، قال: فما شأنك ؟ قال: حرمت أن آكل ضرعاً أبداً، فقال ابن مسعود: هذا من خطوات الشيطان، فاطعم وكفّر عن يمينك، رواه ابن أبي حاتم، وقال أيضاً: حدثنا أبي، حدثنا حسان بن عبد الله المصري عن سليمان التيمي، عن أبي رافع، قال: غضبت يوماً على امرأتي، فقالت: هي يوماً يهودية ويوماً نصرانية، وكل مملوك لها حر إن لم تطلق امرأتك، فأتيت عبد الله بن عمر فقال: إنما هذه من خطوات الشيطان، وكذلك قالت زينب بنت أم سلمة، وهي يومئذ أفقه أمرأة في المدينة، وأتيت عاصماً وابن عمر فقالا مثل ذلك: وقال عبد بن حميد: حدثنا أبو نعيم عن شريك، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ما كان من يمين أو نذر في غضب، فهو من خطوات الشيطان، وكفارته كفارة يمين. وقوله: ﴿إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون﴾ أي إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة، وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه، وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضاً.
( وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ( ٦٧١هـ ) رحمه الله "


الصفحة التالية
Icon