شرع تبارك وتعالى في بيان وحدانية ألوهيته بأنه تعالى هو المنعم على عبيده بإخراجهم من العدم إلى الوجود وإسباغه عليهم النعم الظاهرة والباطنة بأن جعل لهم الأرض فراشاً أي مهداً كالفراش مقررة موطأة مثبتة بالرواسي الشامخات والسماء بناء وهو السقف، كما قال في الاَية الأخرى ﴿وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون﴾... ﴿وأنزل لهم من السماء ماء﴾ والمراد به السحاب ههنا في وقته عند احتياجهم إليه فأخرج لهم به من أنواع الزروع والثمار ما هو مشاهد رزقاً لهم ولأنعامهم كما قرر هذا في غير موضع من القرآن، ومن أشبه آية بهذه الاَية قوله تعالى: ﴿الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين﴾ ومضمونه: أنه الخالق الرازق مالك الدار وساكنيها ورازقهم، فبهذا يستحق أن يعبد وحده ولا يشرك به غيره ولهذا قال: ﴿فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون﴾ وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قلت : يا رسول الله أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" الحديث، وكذا حديث معاذ : أتدري ما حق الله على عباده ؟ "أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً" الحديث، وفي الحديث الاَخر "لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان" وقال حماد بن سلمة حدثنا عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن الطفيل بن سخبرة أخي عائشة أم المؤمنين لأمها قال: رأيت فيما يرى النائم كأني أتيت على نفر من اليهود فقلت من أنتم ؟ قالوا نحن اليهود، قلت إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون عزير ابن الله، قالوا وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وما شاء محمد، قال ثم مررت بنفر من النصارى فقلت من أنتم ؟ قالوا نحن النصارى، قلت إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله، قالوا وإنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت


الصفحة التالية
Icon