وقوله :" ونَهاهم عن التقديم بين يديه " وردَ هذا النهي في قوله عز وجل :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (الحجرات : ١ )
وقوله :" وعن رفع أصواتهم فوق صوته " أي نهاهم عن هذا، وذلك بقوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ )، (الحجرات : ٢ ) وفي الآية نهي عن الجهر له( بالقول كجهر بعضهم لبعض، قال :( وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) (الحجرات : ٢ )، وبيَّن تعالى عاقبةَ من لم يَنْتَهِ، قال :(أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)..
أما قوله: "وعاب من ناداه من وراء الحجرات" ففي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) (الحجرات : ٤ ) قال الإمام السعدي رحمه الله : نزلت هذه الآية الكريمة في ناس من الأعراب، الذين وصفهم الله بالجفاء، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله(، قدموا وافدين على رسول الله(، فوجدوه في بيته وحجرات نسائه، فلم يصبروا ويتأدبوا حتى يخرج إليهم، بل نادوه : يا محمد.. يا محمد ! أي : اخرج إلينا. فذمهم الله بعدم العقل، حيث لم يعقلوا عن الله الأدب مع رسوله ( واحترامه، كما أن من العقل استعمال الأدب. فأدب العبد، عنوان عقله، وأن الله مريد به الخير...
وقال الإمام القرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن
إذا أراد الله بالخطاب المؤمنين لاطفه=أي نبيه ( = بقول: "يا أيها النبي". فإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعا له ( قال: "يا أيها الرسول".