﴿ وَاتّبِعْ مَا يُوحَىَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ إِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً * وَتَوَكّلْ عَلَىَ اللّهِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً ﴾ يقرر ما ذكرنا من أنه حكيم فاتباعه هو الواجب، ثم قال تعالى: ﴿ إِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ لما قال إنه عليم بما في قلوب العباد بيَّن أنه عالم خبير بأعمالكم فسووا قلوبكم وأصلحوا أعمالكم. ثم قال تعالى: ﴿ وَتَوَكّلْ عَلَىَ اللّهِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً ﴾ يعني اتق الله وإن توهمت من أحد فتوكل على الله فإنه كفى به دافعا ينفع ولا يضر معه شيء وإن ضر لا ينفع معه شيء...
قال ابن كثير رحمه الله :
قوله تعالى :(يَا أَيّهَا النّبِيّ اتّقِ اللّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً * وَاتّبِعْ مَا يُوحَىَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ إِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً * وَتَوَكّلْ عَلَىَ اللّهِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً)
هذا تنبيه بالأعلى على الأدنى، فإنه تعالى إذا كان يأمر عبده ورسوله ( بهذا، فلَأن يأتمِر مَن دونه بذلك بطريق الأولى والأحرى. وقد قال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله مخافة عذاب الله: ﴿ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ أي لا تسمع منهم ولا تستشرهم ﴿ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ أي فهو أحق أن تتبع أوامره وتطيعه، فإنه عليم بعواقب الأمور، حكيم في أقواله وأفعاله، ولهذا قال تعالى: ﴿ وَاتّبِعْ مَا يُوحَىَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ ﴾ أي من قرآن وسنة ﴿ إِنّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ أي فلا تخفى عليه خافية، ﴿وَتَوَكّلْ عَلَىَ اللّهِ﴾، أي في جميع أمورك وأحوالك ﴿ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً ﴾ أي وكفى به وكيلا لمن توكل عليه وأناب إِليه....
وقال السعدي رحمه الله :


الصفحة التالية
Icon