هذه الأشياء، التي وصف بها اللهُ تعالى رسولَه محمداً (، هي المقصود من رسالته، وزبدتها وأصولها، التي اختص بها وهي خمسة أشياء : أحدها : كونه" شَاهِدا " أي : شاهدا على أمته بما عملوه، من خير وشر، كما قال تعالى :{ لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(البقرة : ١٤٣ ). وقوله عز وجل: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً) (النساء ٤٣ ) فهو ( شاهد عدل مقبول. الثاني، والثالث : كونه " وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا " وهذا يستلزم ذكر المبشَّر والمنذَر، وما يبشِّر به وينذِر، والأعمال الموجبة لذلك. فالمبشَّرون : المؤمنون المتقون، الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، وترك المعاصي. لهم البشرى في الحياة الدنيا، بكل ثواب دنيوي وديني، رتب على الإيمان والتقوى. وفي الأخرى بالنعيم المقيم. وذلك كله يستلزم، ذكر تفصيل المذكور، من تفاصيل الأعمال، وخصال التقوى، وأنواع الثواب. والمنذَرون، هم : المجرمون الظالمون، أهل الظلم والجهل. لهم النذارة في الدنيا، من العقوبات الدنيوية والدينية، المترتبة على الجهل والظلم. وفي الأخرى، بالعقاب الوبيل، والعذاب الطويل. وهذه الجملة تفصيلها، ما جاء به (، من الكتاب والسنة، المشتمل على ذلك. الرابع : كونه :" وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ " أي : أرسله الله يدعو الخلق إلى ربهم، ويُشوِّقهم لكرامته، ويأمرهم بعبادته، التي خلقوا لها. وذلك يستلزم استقامته، على ما يدعو إليه، وذكر تفاصيل ما يدعو إليه، بتعريفهم لربهم بصفاته المقدسة، وتنزيهه عما لا يليق بجلاله، وذكر أنواع العبودية، والدعوة إلى الله بأقرب طريق موصل إليه، وإعطاء كل ذي حق حقه، وإخلاص الدعوة إلى الله، لا إلى نفسه وتعظيمها، كما قد يعرض ذلك لكثير من النفوس في هذا المقام. وذلك كله " بِإِذْنِهِ "