وقوله :" وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ". ذكر في هذه الجملة، المبشَّرين، وهم المؤمنون، وعند ذكر الإيمان بمفرده، تدخل فيه الأعمال الصالحة. وذكر المبشَّر به، وهو الفضل الكبير، أي : العظيم الجليل، الذي لا يقادر قدره، من النصر في الدنيا، وهداية القلوب، وغفران الذنوب، وكشف الكروب، وكثرة الأرزاق الدارة، وحصول النعم السارة، والفوز برضا ربهم وثوابه، والنجاة من سخطه وعقابه. وهذا مما يُنشط العاملين، أن يذكر لهم، من ثواب الله على أعمالهم، ما به يستعينون على سلوك الصراط المستقيم. وهذا من جملة حكم المشرع، كما أن من حكمه، أن يذكر في مقام الترهيب، العقوبات المترتبة على ما يُرهِّب منه، ليكون عونا على الكف عما حرم الله. ولما كان ثم طائفة من الناس، مستعدة للقيام بصد الداعين إلى الله، من الرسل وأتباعهم، وهم المنافقون، الذين أظهروا الموافقة في الإيمان، وهم كفرة فجرة في الباطن، والكفار ظاهرا وباطنا، نهى الله رسوله (عن طاعتهم، وحذره ذلك فقال :" وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ " أي : في كل أمر يصد عن سبيل الله. ولكن لا يقتضي هذا أذاهم، بل لا تطعهم " وَدَعْ أَذَاهُمْ " فإن ذلك، جالب لهم، وداع إلى قبول الإسلام، وإلى كف كثير من أذيتهم له، ولأهله. " وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ " في إتمام أمرك، وخذلان عدوك. " وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا " توكل إليه الأمور المهمة، فيقوم بها، ويسهلها على عبده...